تراجع سعر صرف الجنيه المصري بنسبة 104% الأربعاء عند منتصف النهار في المصارف الحكومية قبل أن يتحسّن قليلا لتصل نسبة التراجع الى 91%، بعدما خفضت قيمة العملة المصرية للمرة الثالثة في عشرة أشهر، استجابة لمطالب صندوق النقد الدولي، على ما أفادت مصارف حكومية.
وبذلك، يكون خفض قيمة الجنيه بلغ خمسين في المئة منذ مارس.
وتم تداول الجنيه المصري بسعر 31,8 في مقابل الدولار صباحا قبل أن يرتفع قليلا الى 29,8 بعد الظهر في حين كان متداولا بسعر 15,6 في آذار الماضي.
ومع هذا الخفض الجديد في قيمة العملة المصرية ستزداد معاناة الأسر في البلد العربي الأكبر ديموغرافيا والذي يبلغ عدد سكانه 104 ملايين يعانون بالفعل من نسبة تضخم وصلت، وفق الأرقام الرسمية، الى 21,9%.
وفي بلد يستورد غالبية احتياجاته، تنعكس كل زياردة في سعر الدولار على الفور على أسعار السلع.
وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري، بلغ “معدل التضخم السنوي 21,9% في شهر ديسمبر 2022 مقابل 6,5% في الشهر نفسه من العام السابق”.
وأرجع الجهاز الزيادة في معدل التضخم إلى ارتفاع أسعار “الطعام والمشروبات” بنسبة 38% في المئة.
وفي مؤتمر صحافي عقد عبر الإنترنت، أوضحت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي في مصر إيفان هولر أن “الانخفاض المستمر في قيمة العملة في وقت ترتفع فيه أسعار السلع العالمية… أدى إلى الضغط على الأسعار المحلية وارتفاع التضخم”.
وقالت إن التضخم لن يبدأ بالتراجع إلا بحلول منتصف العام 2024.
والشهر الماضي، وافق صندوق النقد الدولي على منح مصر قرضا بقيمة ثلاثة مليارات دولار تسدّد على 46 شهرا. ولكن هذا القرض ليس سوى قطرة في بحر إذ يبلغ عبء خدمة الدين الذي يتعيّن على القاهرة سداده خلال العام المالي 2022-2023 حوالى 42 مليار دولار، وفق البنك الدولي.
وارتبط القرض ببرنامج للإصلاح الهيكلي اتفقت عليه مصر مع الصندوق يقضي بأن يمتنع البنك المركزي عن التدخل لتثبيت سعر الصرف وأن يتركه مرنا.
ويباع الدولار في السوق السوداء ب35 جنيها وفقا لبنك “غولدمان ساكس” الذي أكد في رسالة الى عملائه الثلاثاء أنه يتوقّع اقتراب سعر الصرف الرسمي من سعر السوق السوداء.
وتعاني مصر من أزمة حادة في النقد الأجنبي.
فقد تراجع الاحتياطي من النقد الأجنبي الى 34 مليار دولار مقابل 41 مليار في شباط/فبراير. ويشمل هذا الاحتياطي 28 مليار دولار من الودائع التي أودعتها دول الخليج الحليفة لمصر لدى البنك المركزي المصري.
وبسبب أزمة النقد الأجنبي التي ساهم فيها خروج قرابة 20 مليار دولار من مصر بسبب قلق المستثمرين عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا، قامت معظم البنوك بتقييد السحب بالدولار خارج مصر، كما رفعت عمولة استخدام البطاقات الائتمانية في عمليات الشراء في الخارج من 3% الى 10%.
وتحاول الدولة، وهي واحدة من خمس دول في العالم معرّضة لأن تفقد القدرة على سداد ديونها وفق وكالة “موديز” للتصنيف، توفير أكبر قدر ممكن من الدولارات.
وقالت هولر في مؤتمر الثلاثاء إن تمويل الصندوق “من المتوقع أن يحفز تمويلا إضافيا من الشركاء الثنائيين ومستثمري القطاع الخاص”، مشيرة أيضا إلى خطة مصرية لبيع أصول مملوكة للدولة.
واتخذت الحكومة المصرية قرارات عدة نشرتها الجريدة الرسمية الاثنين، لترشيد الإنفاق العام لمواجهة الأزمة، بينها “تأجيل تنفيذ أية مشروعات جديدة لم يتم البدء فيها ولها مكون دولاري واضح”.