للمراكشية / عمر أضرموش
التران .. بابور البر .. الماشينا .. طانجي فاس … هذه أسماء للقطار ، تلك الآلة العجيبة التي رأت النور لما اخترع جورج ستيفنسن سنة 1814 أول قاطرة بخارية تسير على السكة الحديدية .
ــ أول دولة عربية أدخلت القطار هي مصر .. كان ذلك سنة 1855 حينما انجز الخط السككي بين القاهرة والاسكندرية ( 44 دولة في العالم تحمل اسم الاسكندرية ! ) .
ــ بدأت محاولات انشاء خط سككي بالمغرب منذ عهد الحسن الأول . لكن تأجل ذلك حتى سنة 1914 لما تم الانتهاء من أول خط رسمي ببلادنا ..انجزته شركة اسبانية فرنسية .. كان يربط طنجة بفاس ، لهذا كان يطلق على القطار اسم طانجيفاس .ــ المؤرخ الناصري صاحب ”الاستقصا ” كان من بين المعارضين لانشاء القطار بالمغرب لتخوفه من الاطماع الاوربية . وقد كتب سنة 1883 ((وفي هذه المدة ــ يقصد 1878 ــ وفد على السلطان باشدور الفرنسيس والسبنيول والبرتقيز وغيرهم .. وتكلم الفرنسيس بشأن بـابور البر والتلغراف .. وزعموا أن في ذلك نفعا كبيرا للمسلمين والنصارى ، وهو والله عين الضرر..))
ــ حاول المولى عبد العزيز سنة 1901 م انشاء خط سككي بين فاس ومكناس ، لكن لقي معارضة شديدة من قبل الأهالي لخصها لنا الوزير الحسين بن الطيب اليماني بوعشرين في كتابه البيان المعرب ص .68 (( ثم ظهر الكلام بعزم الدولة انشاء بـابـور الـبـر بين فاس ومكناس ، وهي مسيرة يوم ، ثم توجه لتمهيد الطريق وعمارتها بعضُ العمال والمهندسين .. ووضعوا العلامات لطريق البـابــور قرب مكناس .. فجاء اليها البرابر وهدموها ومحوا أثرها .. فقامت القيامة هناك وأظلم الجو وقامت الفتن وكثر اللصوص وكثر الكلام وتنوعت الأقوال … )) .
ــ في غشت 1906 حاولت فرنسا هدم ضريح سيدي بليوط ( ابي الليوث ) بالدار البيضاء من أجل مقطع سككي يصل الى الميناء فخرجت مظاهرات معارضة للهدم لم تستطع فرنسا القضاء عليها سوى بقصف المدينة انطلاقا من احدى بوارجها .. راح ضحية هذه المجزرة حوالي 2000 شهيد في ظرف 3 أيام . كان هذا عهد مولاي عبد العزيز . وفي نفس الشهر ثار عليه أخوه مولاي الحفيظ الذي كان نائبا له على منطقة مراكش .
ــ عرفت أشغال انجاز السكة الحديدية بعض التوقف لما اشتعلت الحرب العالمية الأولى عام 1914 .
ــ في 1 نونبر1917 انشئ المقطع السككي الرابط بين الدار البيضاء وواد زم .
ــ في 28 يونيو 1921 انجز خط وجدة الدار البيضاء مرورا بالرباط والقنيطرة وفاس .
ــ في البداية كانت مجموع الخطوط السككية من النوع المسمى ( type Caville ) .. المسافة بين القضيبين الحديديين كانت 60 سنتمتر .. تكلفة اعداد هذا النوع تكون أقل بمرتين من النوع العادي المعمول به حتى الآن.. اي 143 سنتمتر بين السكتين .
ــ القطار في بداياته كان لا يحمل سوى البضائع والمعدات العسكرية .. سرعته تتراوح ما بين 15 و 20 كلمتر ، مثلا كان يلزمه 15 ساعة لقطع المسافة بين الدار البيضاء و مراكش .
القطار بمراكش : ــ في يوم السبت 20 ماي 1920 دخل القطار الى مراكش .. كان يوما استثنائيا عند المراكشيين الذين تجمهروا لمعاينة هذا العجب الذي تهتز الأرض من تحته وذلك الصوت الذي يمزق أشلاء الصمت.
ــ Maurice Calas كان هو من تولى قيادة القطار . بقي في عمله حتى تقاعد سنة 1932 .
ــ لم يتم الشروع في نقل الركاب بهذا المقطع سوى في نونبر سنة 1928 . فيما تم الانتهاء من تعبيد الطريق الحالية الرابطة بين البيضاء ومراكش سنة 1929 .
ــ محطة القطار الاولى اسست سنة 1923 . أما المحطة الجديدة فانجزت سنة 2008 على مساحة 25000 متر مربع .
ــ في سنة 1934 تم ربط مراكش و تونس بخط حديدي مباشر .
ممر القطار بالمدينة :تم ربط المحطة بالمعامل التي كانت نشيطة بالحي الصناعي جنوب غرب حي جليز .. بعض الخطوط السككيية بهذا المكان ما زالت تشتغل حتى الآن .
كانت كذلك محطة قريبة من جبل جليز ومنها ينشط قطار خاص بنقل أحجار جليز المعدة للبناء الى مناطق مختلفة بالمدينة .
وكان القطار يمر من مدار ليطاماجور محاديا لشارع عبد الكريم الخطابي شرق ثانوية للا مريم ثم من شارع المنصور الذهبي فساحة الحارثي مرورا من نافورة البردعي الى يسار شارع محمد الخامس ( شارع مانجان سابقا ) ، فيتوقف أحيانا في مكان دار البارود التي تم ”اعدامها” . ( كان في فترة الاستعمار ثكنة عسكرية تسمى Camp sénégalais ) .. ثم يواصل القطار سيره مارا من قرب محطة لاساتيام بجامع الفناء ووصولا الى مكان ثانوية ابن البناء المتواجدة حاليا بعرصة المعاش حيث كان هناك مستودع لمادة السكر .
ومن يدري فقد نرى قريبا الاشغال تعود من جديد لانجاز سكة حديدية ربما تمر من نفس الشارع ومن نفس الأمكنة.. لكن هذه المرة من أجل نوع جديد من القطارات الكهربائية المعروفة بالـتـرامواي ! …
Arabic