د. ش. أسامة شعبان / بيروت
1- هي وسائل التواصل الاجتماعي، وعند كثيرين: وسائل التباعد الاجتماعي.. ففي فترة الجائحة استفاد الناس أيَّما استفادة منها في التعزية والتهنئة والتواصل الرحمي والتسامر مع الأصدقاء والاطمئنان إلى المَرْضى والزَّمْنى.. لكن ما عُذْرهم وقد فُتحت الأبواب وانتهى الحَجْر!؟
2- وسائل التواصل الاجتماعي عبر الشابكة (الإنترنت) باب كبير لعلمنة الفرد والمجتمع ما لم يتحصّن الوالجون بالمناعة المطلوبة للحذر من الفِخاخ، وعدم التأثر بكَمّ المغريات المشبوهة، وعدم الانزلاق إلى مراكز غسيل الدماغ الممنهج المشبوه.
3- لا ينبغي أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي سببًا لنشر الغسيل الوسخ، بداعي التشفي والفضيحة، ولا لإثارة المشاكل بالتفاصيل والأحداث والأسماء بالتصريح أو بالتلميح، ولا لعرض الصور الحميمية الخاصة.
4- حياتنا صارت متلاحمة مع الهاتف والحاسوب والشابكة ووسائل التواصل، قرّبت البعيد وسهّلت الصعب، وهذه التِّقانة الحديثة والثورة الرقمية (التكنولوجيا) عجيبة الزمان ونِعمة كبيرة لمن تأمّل… لكنها في المقلِب الآخر لمن تمادى ولم يعتدل مَضْيَعة العُمر، ومَقْتَلة الوقت، ومَظِنّة الشُّبْهة، ومَجْلبة الشّهوة، ومُفْسِدة الجِيل.
5- الانكباب على وسائل التواصل الاجتماعي، وانتظار ما كتب فلان وما علّق علّان، مع العتاب والزعل، يأخذك إلى مناحٍ أخرى في منسلَكات الحياة، قد تجعلك شتّامًا لوّامًا، أو تافهًا تائهًا في وُحُول السفاسف، أو حالمًا غارقًا في بحر العوالم الافتراضية، أو كئيبًا وحيدًا في عتمة انفرادك عن واقع الناس.
6- تنظيم الوقت مهم، والحياة لا تتسع لكل شيء، فالمطلوب تسلسل الأولويات، ومن ذلك اسأل نفسك: كيف أقسّم ساعات يومي؟ سأعطي وسائلَ التواصل ساعة واحدة آخر اليوم، أهتم بالاجتماعيات المتعلقة بأهلي وأصحابي، وأتابع وأنشر ما تيقّنتُ من مصدر موثوق من أهل الأمانة الشرعية.
7- لِيكُنْ لسانُ حال كل واحد منّا بإخلاص النية وصدق الطَّوِيّة:
لن أُشغَل بالنّعمة عن المُنعِم، لن أُغبَن النعمتين الصحةَ والفراغ، أنا أدير وقتي، ولا أرضى أن يسيّره أعداءُ الأمة أو دعاة التسيّب والانفلات الأخلاقي، وأنا حريص على نفسي وأهلي وجيلي ومَن أحبّ… وسأجعل هذه الوسائل درعًا لي وليست عليّ، سأواجه الحياة وأخوض غمراتها وأعايش جديدها، لن أستطيع الوقوف في وجه بحر التِّقانة، لكن سأركب لُجَجَه أقود مع إخواني سفينة المُحتوى الجيّد الراقي والرسالة الصادقة النيّرة الخيّرة، ولو حاليًّا عكس الرياح والتيّار، فعمّا قريب بعون الله ستجري مع شراعي بالتوكل والإصرار وعزيمة المؤمن الواعي، الذي يسخّر ما بين يديه في سبيل الله.. وسأكون وسيطًا للخير، وسببًا فيه، ولن أضيّع بوصلتي.
8- أنصح نفسي وأنصحكم جميعًا في صرخة عساها تبلغ مسامع وقلوب كل فرد في الأمّة:
استيقظوا من السُّبات، فقد طال النوم يا أمة القرآن.. اخرجوا من جُحْر الضّبّ الذي ما زال يضيق عليكم.. تكالبت الأمم على قَصْعَتكم.. فاحموها، ولا تكونوا غُثاء السيل ورَمِيّة السهام، بل كونوا السيل مندفقًا، والسهم منطلقًا… فالعزة بالتقوى تُبتغى من الله وحده…
أعزَّ حمزةَ يومَ النَّقْعِ أَللهُ
*تأمّل في الأشياء الأربعة التي هي من الخذلان… واحذر وتذكّر: جمود العينين، قسوة القلب، طول الأمل، حب الدنيا.*
*تأمّل في طول مكثك أمام التلفزيون وإمساكك لهذا الموجه تقلّب القنوات، وعمرك يمضي وينقضي بلا جدوى، وقلبك يموت ويَتسلّل إليه السّواد!*
*تأمّل في قبضة يدك تمسك فأرة الحاسوب تتنقل عبر مواقع الشابكة، تحت عنوان الفُضُول والاستكشاف ومتابعة كل جديد، وراقب عقرب الساعة الذي يركض كالغزال الخائف من سرعة الفهد الذي يلاحقه!*
*تأمّل في إصبعك الذي يبقى طالعًا نازلًا على شاشة الهاتف؛ متنقّلًا بين مواقع التواصل الإلكتروني، مفتّشًا عن غريب وجديد ومُسلٍّ، معلّقًا على كل شاردة وواردة بإعجاب أو كلمات ورموز أو تبنٍّ ونَشْر… حتى تنغمض عيناك مثقلتين عليه، وقد قارب الفجر أن يبدّد جيوش الظلام.*
*تأمّلْ واعتبِرْ.. قبلَ أنْ تصيرَ عِبرةً لِغيرِك!*
د. ش. أسامة شعبان
o.shaaban1976@gmail.com
o.shaaban@hotmail.com
صفحة فايسبوك الدكتور أسامة شعبان
@Dr.Ousama.Shaaban
instagram: @shaabanousama