للمراكشية : ذ. أحمد متفكر
الدراسة بالجامع اليوسفي :
العصر الموحدي: منهاج الموحدين في التعليم كان يقوم على اختصار مراحل الدراسة، وهذا ما يفيده ظهور نوابغ مبكرين على عهدهم، وكانت العادة أن لا ينتصب للتدريس في الجوامع الكبرى إلا من انتهت إليه المهارة في العلم والدين في وقته.[7]
أسلوب وطريقة التدريس :
كان أسلوب التدريس عندهم ممتازا، وكان يقوم على التدرج بالمتعلمين في مدا رج التعليم .
أما طريقة التدريس: فيجلس الأستاذ ويحلق عليه الطلبة، ويأخذ في إملاء درسه الذي يكون في الغالب تفسيرا [للمتن] وتقريرا لأقوال شراحه، والنظر فيما بينهما من الاختلاف، وقد ينجر به الحديث إلى الخروج عن الموضوع. كان الأستاذ إذا جلس للدرس جعل مجلسه إلى أحد أعمدة المسجد، يستند إليه ويستقبل القبلة، وكان بعض العلماء يختص بأسطوانة [عمود] معينة يجلس إليها طيلة حياته التعليمية .
العصر المريني :
من المعلوم أن أهل هذا العصر كانوا يعتمدون في تعلمهم وفي تعليمهم على الذاكرة، وعلى الاستظهار قبل كل شيء، وكثيرا ما كانوا يحفظون ويستظهرون، ولقد كانت هذه الطريقة متبعة في جميع مراحل التعليم الأول والمتوسط والعالي، فكان الطفل يبدأ بحفظ القرآن حفظا عن ظهر قلب، ثم يعمد إلى حفظ الأمهات في اللغة والفقه والنحو والأدب، وكان يقضي السنوات الطوال في ذلك إلى أن يبلغ من العمر أشده، فيقعد به ذلك الحفظ عن متابعة دروسه لكبر سنه، واشتغاله بأمور حياته المعيشة التي لم يكن له مناص من مواجهتها لكسب قوته .
أما فيما يرجع للشرح الذي يقوم به الأستاذ لتوضيح النصوص، فإن الطريقة كانت لفظية شكلية أكثر منها موضوعية جوهرية. فكثيرا ما كان الطالب نتيجة لذلك يكتفي بالعروض التي تلقى عليه فيتقبلها بدون مناقشة ولا إعمال فكر إلا إذا كان يتوفر على استعداد فطري، وذكاء ثاقب يؤهله لمحاولة فهم ما يلقى عليه .
العصر السعدي :
[أدركت مراكش أوج عزها العلمي مع أحمد المنصور السعدي فغدت المركز الثقافي الأول في الغرب الإسلامي، إن لم نقل في العالم الإسلامي كله. كاد يكون جميع رجال البلاد وذوي المناصب السامية المدنية والعسكرية فيها من رجال الفكر، إلى تكاثر العلماء والطلبة في المساجد والمدارس، وتعدد المناظرات العلمية، والمساجلات الأدبية، واتساع حركة تأليف الكتب وانتساخها، أو حملها مع القوافل التي لا تنقطع من الشرق والجنوب].[8]
أما طريقة التدريس :
فكانت تنطلق في جميع الدروس من [نص الكتاب] يقرأه أنجب الطلبة – وأحسنهم صوتا- بين يدي الشيخ، وفي بداية الدرس، ويتخذ هذا الذي تسميه الفهارس ساردا، مجلسه وسط الحلقة الأولى، ويجلس إلى يمينه وشماله باقي الطلبة على شكل نصف دائرة، تحيط بالأستاذ الجالس على الكرسي أو المستند إلى سارية، ولا ينتهي دور السارد عند القراءة الأولى، وإنما يظل طول الدرس حاملا الكراسة، مستعدا لقراءة الفقرات أو التعليقات التي قد يطلب منه الأستاذ أن يقرأها .
العصر العلوي :
سار التعليم في هذا العصر على نفس الوتيرة التي كان عليها في العصر السعدي، إذ تأثر هو الآخر بمشكل الاختصار والنظم الذي تفاقم خطره مع مرور الزمن، وكثرة الشروح والحواشي .