سلط الخطاب الملكي السامي الموجه للأمة، مساء اليوم الجمعة، بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، الضوء على التحديات المطروحة على المملكة التي تصر على كسبها رغم استياء الخصوم.
والقول إن المغرب ملتزم بشكل راسخ بالدفاع عن مصالحه العليا ضد كل من يسعون إلى كبح دينامياته التنموية، إنما يستند إلى رؤية واقعية وجريئة في الآن نفسه.
لقد ولى زمن اعتبار بلدان المنطقة لقمة سائغة أمام التفوق الموروث من الماضي الاستعماري مع الاستغلال البشع لمواردها وإمكاناتها. نعم تغيرت قواعد اللعبة، ومن الآن فصاعدا “قواعد التعامل تغيرت، وبأن دولنا قادرة على تدبير أمورها، واستثمار مواردها وطاقاتها، لصالح شعوبنا” كما أكد على ذلك صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطابه إلى الأمة.
إنها المقاربة المنشودة والجاري بلورتها تحت قيادة جلالة الملك، والتي بموجبها فقط المبادرات الدبلوماسية المدعومة بنهج اقتصادي حقيقي لها فرصة للنجاح.
لذلك، يعد الخطاب الملكي السامي ردا على بعض الأطراف التي تسعى جاهدة لتقويض ديناميكية التنمية الناجعة التي تلتزم بها المملكة، عوض دعم جهودها في منطق رابح-رابح لصالح المنطقة المغاربية بأكملها.
فهذه الاستراتيجيات الغامضة تروم، من بين أمور أخرى، تبخيس العمل المعترف به دوليا للمؤسسات الأمنية المغربية، بغرض إثارة الشكوك حول فعاليتها وجودة الأدوار التي تؤديها.
ومع ذلك، فإن حملات التبخيس والمضايقات البغيضة لخصوم المملكة “لا تزيد المغاربة – يقول صاحب الجلالة – إلا إيمانا وإصرارا، على مواصلة الدفاع عن وطنهم ومصالحه العليا”.
إن الرد الملكي الحازم والصريح على المنتقدين يؤكد التزام المغرب بالحفاظ على علاقات متينة وبناءة ومتوازنة، ولا سيما مع البلدان المجاورة. دون أن يدل ذلك، كما يرغب البعض، على تغيير في طريقة عمله في معالجة بعض المسائل الدبلوماسية.
هذا المنطق بالذات، هو الذي يوجه خيارات الرباط في علاقاتها مع مدريد، التي تحرص المملكة، من خلالها وبهدوء، على إعادة تحديد القواعد والمعايير التي تحكم الديناميات الثنائية.
انطلاقا من هذه الروح البراغماتية والتطلع إلى المستقبل، دعا جلالة الملك محمد السادس إلى اتخاذ خطوة غير مسبوقة في العلاقات بين المملكتين المتجاورتين، علاقات تقوم على الثقة والشفافية والتقدير المتبادل واحترام الالتزامات.
وهذا التوجه الفريد يذكر بالنضال الدؤوب الذي خاضه العرش والشعب من أجل الحرية والاستقلال. لكن أكثر ما يلفت النظر في هذه الرؤية أنها تظل واقعية وراسخة ومستمرة في الزمن من أجل مغرب القرن الـ21.
و م ع