طالب الشيخ طنطاوي أثناء حضور الرئيس حسني مبارك الاحتفال بليلة القدر 8-10-2007 بالجلد 80 جلدة للذين “يقذفون” غيرهم بالتهم الباطلة.
وقال: “رغم أن جميع الشرائع السماوية وجميع القوانين الوضعية تأبى التفرقة بين الناس في من يستحق الاحترام والثواب وفي من يستحق الاحتقار والعقاب، فإن الشريعة الإسلامية قد ساوت بين الجميع في عقوبة جريمة القذف التي فيها عدوان أثيم على الأطهار الأخيار من الرجال والنساء”.
وشرح طنطاوي موقفه من هذه القضية، بقوله تعالى: (إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم)، قائلا: إنما خص القرآن النساء بالذكر مع أن جريمة القذف عقوبتها علي الرجال والنساء لأن قذفهن بالسوء أشنع وأقبح، وإلا فالرجال والنساء في هذه الأحكام سواء وقد عاقبت هؤلاء الذين يقذفون غيرهم بالتهم الباطلة الكاذبة بثلاث عقوبات: الأولي عقوبة حسية تتمثل في جلدهم 80 جلدة والثانية عقوبة معنوية تتمثل في عدم قبول شهادتهم، ويكونون منبوذين في المجتمع، وإن شهدوا لا تقبل شهادتهم لأنهم انسلخت عنهم صفة الثقة من الناس فيهم، والثالثة تتمثل في وصف الله تعالي لهم بقوله (وأولئك هم الفاسقون).
وكان طنطاوي أفتى في خطبة الجمعة بمسجد “النور” بالعباسية في وسط العاصمة المصرية، “بتحريم شراء الصحف التي تلجأ إلى نشر الشائعات والأخبار غير الصادقة”.
وقال في حضور رئيس الوزراء وعدد من الوزراء الذين كانوا يؤدون الصلاة في المسجد “إن الصحافة التي تلجأ لنشر الشائعات والأخبار غير الصادقة تستحق المقاطعة، وحرم شراء القراء لها”.
وأكد قيادي بارز في جماعة الإخوان المسلمين رفض الجماعة للفتوى التي أطلقها شيخ الأزهر د.محمد سيد طنطاوي في الاحتفال بليلة القدر، وطالب فيها بمعاقبة الصحفيين الذين يقذفون غيرهم بالتهم الباطلة بالجلد 80 جلدة.
فيما قارن الكاتب فهمي هويدي بين شيخ الأزهر في تحريضه للحكومة على الصحفيين، وبين الرهبان البوذيين في وقوفهم مع الناس ضد حكومتهم، قائلا “إنه ارتدى قبعة الأمن وخلع ثياب المشيخة”.
وقال عضو مكتب الارشاد بالجماعة د. عبدالمنعم أبو الفتوح لـ”العربية.نت” إنه لا يجب الزج بالشريعة الاسلامية وأحكام الحدود التي وضعت لضبط المجتمع وزجر الفاسدين والمفسدين، في المواجهة مع أصحاب الرأي والفكر والصحفيين الذين يجب حمايتهم، وجلد المعتدين عليهم.
أبو الفتوح كان يرد على سؤال بشأن ما تردد بأن هناك ترحيبا داخل مكتب الارشاد باعتبار أن كلام شيخ الأزهر يدعو بشكل مباشر وفي حضور رئيس الجمهورية إلى تطبيق أحكام الشريعة.
ووصف الفتوى أنها اساءة للشريعة وزلفى وتقرب من الحاكم، وبالتالي فإن الزج بالاخوان في هذه المسألة، يهدف الى تشويه صورتهم، قائلا “لا نرضى بذلك ولا نوافق عليه أبدا. لماذا لم يطالب شيخ الأزهر بجلد اللصوص الذين سرقوا أموال الشعب والمستبدين، إذا كان يدعو بالفعل لتطبيق الشريعة”.
من جهته، قال عضو مجلس الشعب (البرلمان) عن كتلة الاخوان الشيخ سيد عسكر، وهو الأمين العام السابق لمجمع البحوث الاسلامية بالأزهر، لـ”العربية.نت” إن نص ما قاله شيخ الأزهر يُفهم بعدة احتمالات، ولكل أن يفهم ما يريده. “فإذا كان يقصد تطبيق أحكام الشريعة، فهذا خير وبركة، ونطالب بأن يركز عليه كل العلماء الكبار مثل شيخ الأزهر والمفتي ووزير الأوقاف، لأنها (الشريعة) الحل لكل مشكلات المجتمع والأمة”.
وتناول عقوبة الـ80 جلدة التي طالب بها شيخ الأزهر لمن يقذف غيره، موضحا أن “القذف” كلمة مطاطة، فعقوبة الـ80 جلدة خاصة بجريمة القذف بالزنا الموجودة في سورة “النور”، أما اتهام آخر بالكذب أو الرشوة، فهذا لا يقال عنه قذفا، وكل تهمة لها تكييفها القانوني وعقوبتها المناسبة.
وأضاف: الحدود معروفة وهي جرائم الخمر والزنا وقذف المحصنات، ولها عقوباتها في الشريعة، وما عداها وهي الجرائم التي لم يرد بها نص، فتدخل في باب من أبواب العقوبات اسمه “التعزير” وهذا متروك لتقدير القاضي حسب ضخامة الجريمة والظروف التي وقعت فيها والدوافع التي دفعت الجاني لارتكابها، فقد يكون له مبرر يقبله القاضي أو أنها أول خطأ له.
وضرب مثالا بشخص تم ضبطه أثناء تقبيله امرأة أجنبية، وهو فعل حرام، لكن عقوبته ليست مثل عقوبة الزنا، وإنما التعزير، أي قيام القاضي بتقدير العقوبة، واضعا في الاعتبار الظروف والضغوط التي دفعته لارتكاب هذا الخطأ، ويمكن لها أن تتدرج من اللوم أو التقريع والعتاب أو جلدة او اثنتين إلى أكثر من ذلك.
واستطرد الشيخ عسكر “نعلم بالنسبة للصحفيين أن القانون لا يلزمهم بالكشف عن مصادرهم، وهذا شئ طيب لحماية حريتهم، لكن القاضي إذا بحث الموضوع وتوصل إلى إثبات نشر شائعة كاذبة، فمن حقه أن يقرر عقوبة مناسبة في باب التعزير، ولكن لا يصل إلى 80 جلدة أو إلى الحد الأقصى لجريمة في أحكام الحدود تشتبه معها “.
وأشار إلى أن التعزير “لا يقتصر فقط على الجلد، فمن الممكن الحكم بالحبس، وهذا كما قلت متروك لتقدير القاضي”.
وأجاب عندما سئل عن موقفه من فتوى شيخ الأزهر “أنا لا أؤيد ولا أعارض، وقد رددت على بعض الصحفيين بأنه لا تعليق لي، لأن شيخ الأزهر رمز ولا ينبغي نقده علانية إن اختلفنا معه”.
العربية نت / 2007