تركز المناقشات العلمية حول نهاية جائحة “كوفيد-19″، إلى حد كبير، على توافر اللقاحات ومدى فعالياتها وسلامتها.
لكن بعض شركات الأدوية تعمل على تطوير علاجات أخرى للمرض، من قبل بخاخات الأنف أو الحبوب الدوائية، ومن بينها شركة “ميرك” الأمريكية للأدوية، والتي أبلغت، في بداية الشهر الجاري، عن علاج دوائي جديد واعد يمكن إعطاؤه على شكل حبوب في الأيام التي تلي ظهور أعراض “كوفيد-19” للوقاية من الحالات الشديدة.
وتقدمت الشركة بطلب إلى إدارة الغذاء والدواء (FDA) للحصول على ترخيص الاستخدام الطارئ (EUA) للحبوب، المسماة “مولنوبيرافير” (molnupiravir).
وبينما يمكن أن يصبح الترخيص متاحا في غضون أسابيع، لم يتضح بعد من سيحصل عليه. ولكن ما نعرفه حتى الآن، هو أن الشركة تقول إن الحبوب قدمت أداء جيدا في التجربة الإكلينيكية، لدرجة أنها أوقفت التجربة مبكرا وتقدمت بطلب للحصول على ترخيص الاستخدام الطارئ.
وأفاد بيان صحفي للشركة أن العقار قلل من خطر دخول المستشفى والوفاة بمقدار النصف في المرضى الذين يعانون من مرض خفيف إلى متوسط.
وقام موقع “ميديكال إكسبريس” العلمي بجمع بعض الإجابات عن الأسئلة الأكثر طرحا حول حبوب “مولنوبيرافير” الجديدة.
1. كيف تعمل حبوب مولنوبيرافير؟
من المهم معرفة أنه سيقع إعطاء حبوب “مولنوبيرافير” بعد ظهور أعراض “كوفيد-19” على المرضى.
وفي التجربة السريرية، تم إعطاء “مولنوبيرافير” للمشاركين في الدراسة بأربع كبسولات مرتين يوميا لمدة خمسة أيام، بدءا من خمسة أيام، بعد ظهور الأعراض الأولى لـ”كوفيد-19″.
ويشرح الدكتور ألبرت شو، دكتوراه في الطب، اختصاصي الأمراض المعدية في مدرسة طب جامعة ييل، أنه عندما يدخل الدواء إلى مجرى الدم، فإنه يمنع قدرة فيروس SARS-CoV-2 على التكاثر.
ويستخدم فيروس كورونا الحمض النووي الريبوزي كمادة وراثية. ويشبه هيكل “مولنوبيرافير” النيوكليوسيدات (أو كتل البناء الكيميائية) المستخدمة في صنع الحمض النووي الريبوزي للفيروس.
ويعمل الدواء عن طريق دمج نفسه في الحمض النووي الريبوزي أثناء تصنيعه.
ويوضح الدكتور شو: “ينتج عن هذا العديد من الطفرات، أو التغييرات في الشفرة الجينية للحمض النووي الريبوزي، التي يتم إدخالها في الحمض النووي الريبوزي الفيروسي. وعندما يُترجم هذا الحمض النووي الريبوزي إلى بروتينات فيروسية، فإن هذه البروتينات تحتوي على الكثير من الطفرات بحيث يتعذر على الفيروس القيام بوظائفه”.
2. هل لـ”مولنوبيرافير” أي آثار جانبية؟
استنادا إلى البيانات الواردة في بيان الشركة، يبدو أن العقار يحتوي على ملف تعريف أمان نظيف، ما يعني أنه لم تكن هناك آثار جانبية خطيرة لدى المتطوعين في التجربة.
ونظرا لأن “مولنوبيرافير” يعمل عن طريق تعطيل كيفية قيام الفيروس التاجي بتكرار الحمض النووي الريبوزي، فقد يكون هناك قلق من تأثير مماثل على الحمض النووي البشري أو الحمض النووي الريبوزي. وبحسبما ورد، لدى شركة “ميرك” بيانات من دراسات معملية تشير إلى أن “مولنوبيرافير” لا يسبب طفرات في البشر، ولكن “من الواضح أن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ستحتاج إلى رؤية وتقييم بيانات الأمان هذه في عملية الموافقة”، وفقا للدكتور شو.
وأشارت اختصاصية الأمراض المعدية في جامعة ييل، ميديرا جيمي ماير، إلى أنه في تجربتها السريرية، لم تختبر شركة “ميرك” الدواء على النساء الحوامل.
وأوضحت: “في التجربة، لم يقتصر الأمر على استبعاد النساء الحوامل أو المرضعات أو المنتظرات للحمل، ولكنهم أخبروا أيضا الرجال المسجلين في التجربة أنهم لا يستطيعون ممارسة الجنس غير المحمي مع النساء لمدة أسبوع بعد الانتهاء من اختبار أدويتهم”.
ويكمن مصدر القلق في أن هذا الدواء قد يتداخل مع تكرار الحمض النووي الريبوزي اللازم لنمو الجنين ويسبب تشوهات خلقية.
3. هل “مولنوبيرافير” مشابه لعقار “تاميفلو”؟
يبدو أن هذه الحبة الجديدة تشبه، في الوظيفة، وسهولة الاستخدام، والتوافر، “التاميفلو”، الدواء المضاد للفيروسات الذي يستخدم لمنع الأعراض الخطيرة للإنفلونزا.
ويقول الدكتور شو، رغم ذلك، هناك فرق رئيسي يقول: “يعمل عقار تاميفلو من خلال آلية مختلفة، عن طريق التدخل في دخول فيروس الإنفلونزا إلى الخلايا، بدلا من استهداف تكاثر الحمض النووي الريبوزي الفيروسي”.
4. هل يمنع “مولنوبيرافير” العدوى أو المرض الشديد والوفاة؟
الهدف من حبوب “ميرك” الجديدة هو إبقاء المرضى بعيدا عن المستشفى. واقترحت دراسة شركة “ميرك” أن “مولنوبيرافير” سيساعد المرضى الذين لديهم عامل خطر واحد على الأقل للإصابة بـ”كوفيد-19″ الشديد لتجنب دخول المستشفى.
5. لمن ينصح “مولنوبيرافير”؟
تسعى شركة “ميرك” للحصول على ترخيص الاستخدام الطارئ (EUA) للحبوب للبالغين المعرضين لمخاطر عالية.
وفي التجربة السريرية، وقع إعطاء “مولنوبيرافير” في الغالب للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما أو أولئك الأصغر سنا ولكن لديهم حالات أخرى تعرضهم لخطر كبير من النتائج السيئة من مرض “كوفيد-19″، مثل مرض السكري أو أمراض القلب أو السمنة.
وستقرر إدارة الغذاء والدواء أيضا ما إذا كان ينبغي إعطاء الدواء للأشخاص الذين تم تطعيمهم، حيث وقع تضمين الأفراد غير المطعمين فقط في التجربة.
6. هل سيعمل “مولنوبيرافير” على متغيرات الفيروس، بما في ذلك دلتا؟
يقترح البحث الذي تم إجراؤه في الولايات المتحدة ودول أخرى، أن الدواء سيكون فعالا ضد طفرات الفيروس التي تصنفها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) على أنها “متغيرات مثيرة للقلق”، بما في ذلك دلتا، وغاما، ومو.
7. هل يمكن أن يكون “مولنوبيرافير” نقطة تحول لعلاجات “كوفيد-19” الأخرى؟
يقول الدكتور شو: “ليس لدينا الكثير من أدوية كوفيد-19 في ترسانتنا. ولكن هناك أدوية أخرى في طور الإعداد لعلاج “كوفيد-19″، حيث من المتوقع أن تقدم شركة “فايزر”، نتائج بشأن مثبط البروتياز الواعد الذي سيتم إعطاؤه أيضا في شكل حبوب للمرضى. ويقول شو: “نأمل أن يكون هناك المزيد من الأدوات لمساعدتنا على معالجة أفضل لمرضى كوفيد-19”.
8. لماذا توقفت التجربة السريرية في وقت مبكر؟
توقفت التجربة بناء على توصية من مجلس مراقبة البيانات والسلامة، وهي لجنة مستقلة مكلفة بتقييم تقدم الدراسة على فترات زمنية محددة.
وأشار الدكتور شو: “هذا ليس نادرا في التجارب السريرية. في المشاورات مع الإحصائيين، ودون مدخلات من شركة ميرك، خلص مجلس الإدارة إلى أن النتائج التي تظهر الفعالية كانت واضحة ولن تتأثر بمواصلة التجربة، وأن أفضل شيء هو إيقاف التجربة وإعلان النتائج، حتى نتمكن من المضي قدما”.
9. إذا تم ترخيص مولنوبيرافير ، فهل ما زلنا بحاجة إلى لقاحات؟
أكد الأطباء أنه إذا تم ترخيص “مولنوبيرافير”، وحتى إذا كان ناجحا في سيناريوهات العالم الحقيقي كما كان في الدراسة، فسيظل التطعيم ضروريا للوقاية من عدوى SARS-CoV-2 ولإبطاء انتشاره.
وتوضح الدكتورة ماير: “اللقاح هو خطنا الأول لمنع دخول المستشفى، وأنا قلقة بعض الشيء من أن التركيز على “مولنوبيرافير” سوف يصرف الانتباه عن التطعيم. وقد يقرر البعض عدم الحصول على التطعيم لأنهم سيتمكنون من الوصول إلى هذه الأدوية”، أو ربما علاجات أخرى.
وأكدت: “الشيء الأكثر أهمية هو الحصول على اللقاح “.
المصدر: ميديكال إكسبريس