أثارت مقابلة الرئيس الأميركي جو بايدن، الأربعاء الماضي، مع شبكة “سي إن إن”، والتي هدد خلالها بوقف مد إسرائيل بالأسلحة الهجومية إذا اقتحمت مدينة رفح، انتقادات من الديمقراطيين والجمهوريين الداعمين لتل أبيب في الكونغرس، ومن المنظمات اليهودية المؤيدة لها.
في المقابل، ارتفعت أصوات مؤيدة لقرار بايدن، وامتدح بعض الديمقراطيين خطوته غير المسبوقة منذ بد عملية “طوفان الأقصى”، وبدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
يأتي ذلك بعد قرار الرئيس الأميركي وقف شحن 3500 قنبلة إلى إسرائيل. وأقر بايدن قائلا “لقد قُتل المدنيون في غزة نتيجة لتلك القنابل التي يستهدفون بها المراكز السكانية، لقد أوضحت أنهم إذا ذهبوا إلى رفح، فلن أورّد أسلحة استُخدمت تاريخيا للتعامل مع المدن”.
وبعدما خسر دعم عرب ومسلمي أميركا وتعاطف الشباب خاصة طلاب الجامعات بينهم، تصب اليوم المنظمات اليهودية غضبها على بايدن، بل تتهمه بدعم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بصورة غير مباشرة.
ووفق أيباك، أكبر المنظمات اليهودية في أميركا، فإنه “من الخطير والمناقض للمصالح الأميركية حرمان حليفنا من الأسلحة اللازمة لإزاحة حماس من السلطة ومنعها من مهاجمة إسرائيل مرة أخرى”.
على الجانب الآخر، أشاد ديمقراطيون تقدميون بخطوة بايدن، بعد أن كانوا يحثونه على تعليق مبيعات الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل.
انتقادات
وتقدم إدارة بايدن لإسرائيل كميات هائلة من المساعدات العسكرية سنويا تفوق قيمتها 3.4 مليارات دولار، وتسارعت وتيرة هذا التدفق عقب عملية “طوفان الأقصى”. كما وقّع بايدن قبل أسبوعين تشريعا يمنح -من خلاله- إسرائيل مساعدات عسكرية إضافية قيمتها 16 مليار دولار.
وفي مواجهة انتقادات، بسبب دعمها العسكري للعدوان الإسرائيلي، والذي نتج عنه استشهاد نحو 35 ألف فلسطيني، وإصابة نحو 80 ألفا آخرين، تجاهلت إدارة بايدن إصدار تقييم رسمي، هو الأول من نوعه، وكان مقررا في الثامن من مايو الحالي.
وكان التقرير سيبحث ما إذا كانت الغارات الإسرائيلية على غزة، والقيود التي تفرضها إسرائيل على تسليم المساعدات الإنسانية، قد انتهكت القوانين الدولية والأميركية المصممة لتجنيب المدنيين أهوال الحرب.
ومع تزايد التدقيق الدولي في سلوك إسرائيل خلال الحرب، اتخذت إدارة بايدن بعض الخطوات الرامية إلى تعزيز الالتزام بالقانون الدولي والمساءلة عن شحنات الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل.
وفي الثامن من فبراير الماضي، أصدر الرئيس بايدن مذكرة جديدة للأمن القومي تقضي بضرورة حصول وزارتي الخارجية والدفاع على تأكيدات مكتوبة وموثوقة من الدولة المتلقية للسلاح الأميركي بأنها ستستخدمه وفق القانونين الإنساني الدولي، والدولي العام.
زيادة الضغط
ومن شأن وصف ممارسات العدوان الإسرائيلي بمخالفة القوانين الأميركية والدولية أن يزيد الضغط على بايدن للحد من تدفق الأسلحة والأموال إلى الجيش الإسرائيلي. وقال مسؤول كبير في إدارته إن قرار وقف “شحنة الـ 3500 قنبلة خوفا من تهديد إسرائيل بالهجوم على رفح، يمثل خطوة في هذا الاتجاه”.
وكان 13 عضوا ديمقراطيا من أعضاء مجلس الشيوخ، بقيادة السيناتور كريس فان هولين، قد طلبوا في مارس/آذار الماضي من فريق الأمن القومي لبايدن القيام بكل ما هو ممكن للتحقق من ارتكاب إسرائيل أي مخالفات تستتبع إجراءات عقابية وقانونية من جانب واشنطن.
وتتهم منظمات حقوق الإنسان الدولية منذ فترة طويلة جيش الاحتلال بارتكاب انتهاكات ضد الفلسطينيين، وتتهم المسؤولين الإسرائيليين بعدم محاسبة القادة العسكريين المتورطين في هذه الحوادث. وفي يناير/كانون الثاني الماضي، وفي قضية رفعتها جنوب أفريقيا، أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل ببذل كل ما في وسعها لمنع وقوع أي أعمال إبادة جماعية في غزة.
ولطالما أشارت إدارة بايدن مرارا وتكرارا إلى دعمها الكامل لاستمرار مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل. إلا أنه، وطبقا لخدمة أبحاث الكونغرس، غيرت الإدارة توجهها عقب حادثة مقتل 7 من العاملين في المطعم المركزي العالمي في أبريل الماضي.
وخلال مكالمته الهاتفية مع نتنياهو عقب هذه الحادثة، أكد بايدن أن سياسة بلاده فيما يتعلق بغزة “ستتحدد من خلال الإجراءات الإسرائيلية لمعالجة الأضرار المدنية والمعاناة الإنسانية وسلامة عمال الإغاثة”.
ودفعت مخاوف مماثلة في واشنطن إلى تأسيس فرقة عمل مستقلة أصدرت تقريرا الشهر الماضي يفصّل الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي والقانون الإنساني.
ويقدم التقرير عشرات الحوادث التي يقول المؤلفون إنها تمثل “تجاهلا منهجيا للقانون الإنساني الدولي وأفضل الممارسات العسكرية فيما يتعلق بتخفيف الأضرار المدنية من قبل الجيش الإسرائيلي، منها الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة”.
من ناحية أخرى، تتجاهل إدارة بايدن تطبيق “قانون ليهي”، الذي يتطلب منها قطع المساعدات العسكرية والتعاون مع قوات الأمن الأجنبية التي يثبت ارتكابها انتهاكات لحقوق الإنسان.
المصدر : الجزيرة