بقلم عبد الصماد الگباص
ثقب أسود آخر خلف حسرة أخرى في موضوع مقاهي مراكش القديمة ، إنه المصير المؤسف لمقهى النهضة الذائعة الصيت التي تحولت الى شبح شاحب اللون في قلب جليز بعد إغلاقه، رغم كثرة زبنائه الاوفياء وشهرته الواسعة بسطحيه المطلين على مراكش وجبال الاطلس المحيطة بها
دامت الاشغال قصد تجديده سنوات طويلة، فتوقفت دون أن تكتمل ولا أن تسمح بإعادة فتح المقهى، فأضحى جليز في تلك المنطقة النابضة منه كمربع بثر أحدأضلاعه، لاسيما أن المقهى المذكور يوجد في زاوية تختزل بريق مراكش الفرنسية (الحي الذي تأسس في عهد الحماية الفرنسية)، وبدت من دونه المقاهي المقابلة في الزواياالاخرى (نيكوسيان – والاطلس الكبير•••) كجملة ناقصة او كبيت شعري غير تام فاقد للازمته
في “النهضة” عقدت لقاءات هامة ورشف بها كتاب كبار ومبدعون وسياسيون وفنانون من المغرب وخارجه، قهوتهم وتذوقوا كؤوس شايهم، وفكروا في مشاريع جديدة وناقشوا قضاياكبيرة أو تأملوا تفاصيل دقيقة، وبسطحها فاضت مشاعر عميقة وانبثقت قصص حب بمجرى رومانسي لا أحد يعرف منتهاه•
الفراغ الذي خلفه إغلاق مقهى النهضة في فضاء كليز لا يحتمل. وبشاعة ما آلت إليه بنايتها جسدت إساءة واضحة لجمالية هادئة ظلت لعقود طويلة في النصف الثاني من القرن العشرين معلمة لمراكش الحديثة، لذلك تعالت الاصوات مطالبة بترميم هذا الخلل، وهو ما حذا بالوالي حصاد أنذاك الى استدعاء مالكها الجديد وحثه على تدارك هذا الوضع بإعادة فتحها، الشيء الذي لم يحدث الى اليوم،
وغير بعيد عن مقهى النهضة، اختفى منذ سنوات مقهى (توفابيان) وحل محله مطعم للوجبات السريعة كان هذا المكان فضاء للقاء بين متشيعي تيار يساري معروف