عقد مجلس المستشارين، اليوم الثلاثاء 18 يوليوز 2023، الجلسة السنوية المخصصة لتقييم السياسات العمومية، وذلك للتعقيب على توصيات ومناقشة التقرير القيم الذي أعدته، اللجنة الموضوعاتية المؤقتة حول موضوع “التعليم والتكوين ورهانات الإصلاح”.
وفي مداخلة له خلال الجلسة السنوية، نوه وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، السيد عبد اللطيف ميراوي، بالاهتمام الذي تم إيلاؤه لقضية مجتمعية ذات راهنية تأتي في صدارة الأولويات الوطنية، وتحظى بالعناية الفائقة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بالنظر لأهمية إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، من خلال تأهيل الرأسمال البشري لبلادنا والرفع من جودته وقدرته على مواكبة التحولات الهيكلية للسياق الوطني والدولي.
وأكد السيد ميراوي، أن التحولات المتسارعة التي يشهدها السياق الوطني والدولي تضع منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار أمام تحديات كبرى، تسائل الدور التنموي الذي تضطلع به الجامعة كفضاء لإعداد الكفاءات، ومنارة لإشعاع العلم والمعرفة ولتطوير الرابط الاجتماعي، مبرزا أنه يتعين على المنظومة رفع عدة تحديات، التي سبق وأن تم تسليط الضوء عليها في عدة مناسبات.
وقال الوزير إنه “من أجل رفع هذه التحديات وتحويلها إلى فرص واعدة، قامت الوزارة بإعداد رؤية استراتيجية متجددة، من خلال المخطط الوطني لتسريــع تـحــــول منظومة التعليم العـالـي والبحث العلمي والابتكار (PACTE ESRI 2030)، والذي تمت بلورته وفق مقاربة تشاركية شملت كافة الفاعلين على مستوى كل جهات المملكة (طلبة، أساتذة -باحثون، أطر إدارية وتقنية، فاعلون اقتصاديون، جماعات ترابية، فعاليات المجتمع المدني، الكفاءات المغربية بالخارج،…)، وذلك بهدف إرساء نموذج جامعي بمعايير دولية يروم إعداد أجيال قادرة على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية وعلى الإسهام بفعالية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلدنا”.
وأضاف السيد ميراوي أنه وعيا من الوزارة بضرورة ضمان تنزيل ناجع وفعال لكافة أوراش التحول التي يتضمنها المخطط الوطني، اعتمدت الوزارة ثلاثة رافعات أساسية، تضم تسريع التحول الرقمي وتعزيز التعاون والشراكة وكذا ملاءمة الإطار التنظيمي والقانوني للمنظومة.
وعلاقة بهذه الأخيرة، يضيف الوزير، قامت الوزارة بإطلاق ورش مراجعة القانون 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي، من أجل ملاءمته مع الأولويات الاستراتيجية للتوجه الإصلاحي الجديد، بما يتماشى مع الأهداف الرامية إلى تطوير حكامة المنظومة برمتها وتجويد آليات التعاقد بين الدولة والجامعة، من خلال تكريس مبادئ النجاعة والفعالية وترسيخ ثقافة النتائج والأداء.
وأوضح وزير التعليم العالي أن الوزارة قامت عمليا، وفي السياق ذاته، بإصدار العديد من النصوص التنظيمية المتعلقة بمختلف مكونات منظومة التعليم العالي، منها ما تم نشره في الجريدة الرسمية ومنها ما تمت المصادقة عليه من قبل مجلس الحكومة، وأخرى بالمراحل النهائية للمصادقة، منها في ما يتعلق بالشأن البيداغوجي والطلابي، مشروع مرسوم بتحديد اختصاص المؤسسات الجامعية، وأسلاك الدراسات العليا، وكذا الشهادات الوطنية المطابقة، و يتوخى هذا المشروع مواكبة التحولات الراهنة والمستقبلية التي تعرفها منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.
كما تم إعداد مشروع مرسوم بتحديد شروط وكيفية صرف المنح الدراسية للطلبة، وشروط وكيفية وضع الاعتمادات المالية المخصصة لهذه المنح، رهن إشارة المكتب الوطني لأعمال الجامعية والاجتماعية والثقافية، إذ يرمي هذا المرسوم إلى إسناد البت في طلبات الاستفادة من منح الاستحقاق الاجتماعي إلى لجنة وطنية تترأسها السلطة الحكومية المكلفة بالتعليم العالي، وتحديد عتبة الاستفادة من المنح التعليمية، استنادا إلى قاعدة بيانات السجل الاجتماعي الموحد، وكذا إحداث منح خاصة ترمي إلى تشجيع الحركية الطلابية.
وفي إطار حرصها على تثمين الموارد البشرية وتعزيز التأطير البيداغوجي بمؤسسات التعليم العالي، حرصت الوزارة على تحضير مشاريع مراسيم جديدة تهم النظام الأساسي للأساتذة الباحثين تمت المصادقة عليها من قبل الحكومة، (3 مراسيم)، ويهدف هذا النظام الأساسي إلى جعل مهنة الأستاذية أكثر جاذبية من أجل استقطاب أحسن الكفاءات، بما في ذلك مغاربة العالم، وذلك من خلال تحسين الوضعية الاعتبارية والمادية للأساتذة الباحثين.
وشدد المسؤول الحكومي على أن التنزيل الناجع لبرامج ومشاريع المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، والتي تتقاطع في جوهرها مع جل التوصيات التي تقدمت بها اللجنة، سيمكن من الإرتقاء بدور الجامعة كفاعل رئيسي في التنمية، قادر على إعداد رأسمال بشري ممكن وكفئ، يواكب تفعيل الأوراش الأولوية لبلادنا في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف، تنكب الوزارة على إعداد برنامج متكامل لتدبير التغيير داخل المنظومة وتعزيز قدرات الموارد البشرية، من خلال برنامج للتكوين المستمر، متعدد السنوات يرتكز على تكوينات إشهادية لفائدة الأساتذة الباحثين والأطر الإدارية والتقنية. فضلا عن العمل على الرفع من الموارد المالية المخصصة للوزارة في أفق ضمان تمويل سلس للمشاريع الهيكلية المدرجة.
– تحرير: سارة الرمشي/ موقع الأصالة والمعاصرة