الصفحة الرئيسيةمنوعاتثقافة \ أبحاث

“وفي النهاية اختفت”.. المراكشية تحاور عصماء عدناني الفائزة بجائزة “الجزيرة” للفيلم القصير

عدناني الحاصلة على شهادة الإجازة في السينما والكتابة الإبداعية من جامعة ابن طفيل بالقنيطرة أن طموحها هو الذهاب بعيدا في عالم السينما، وأن تبدع قريبا فيلمها الروائي الأول.

حاورها عبد الغني بلوط

عبرت المخرجة الشابة عصماء عدناني (26 سنة) عن سعادتها الغامرة، بعد فوز فيلمها الوثائقي “وفي النهاية اختفت” بجائزة الجزيرة للفيلم القصير لعام 2024 في دورتها الخامسة، معتبرة ذلك مفاجأة لم تكن تتوقعها.

تدور أحداث الفيلم عن حياة امرأة مسنة تقضي آخر أيامها وحيدة بجبال بولمان نواحي مدينة فاس في ظروف مناخية قاسية، وتحكي عن تجاربها في الحياة.

عدناني التي وضعت اسم المغرب لأول في مرة في لائحة المتوجين، أشارت في حوار مع ” المراكشية” الى أن هذا الفيلم أخذ من وقتها وجهدها الكثير، وإن كانت أغلب لقطاته قد أتت عفوية لم تفكر فيها مسبقا، مبرزة أن الفيلم الوثائقي قادر على جعل المتلقي يفكر في واقعه، بل على نقل مشاعر الآخرين إليه بطريقة سينمائية.

وأوضحت أنها عملت على الفيلم بمفردها، فيما كانت كلمات الأغنية مساهمة من أحد زملائها (ياسين بلعربي)، غنتها إحدى صديقاتها (دعاء نوار).

وأكدت عدناني الحاصلة على شهادة الإجازة في السينما والكتابة الإبداعية من جامعة ابن طفيل بالقنيطرة أن طموحها هو الذهاب بعيدا في عالم السينما، وأن تبدع قريبا فيلمها الروائي الأول.

إليكم نص الحوار

بداية، كيف تلقيت خبر فوزك بجائزة الفيلم القصير، والتي تمنحها الجزيرة الوثائقية؟

كانت اللحظة التي تلقت فيها خبر الفوز مليئة بالعواطف الجياشة والجميلة، خاصة وأني كنت أقضي وقتًا هادئًا مع عائلتها بعيدًا عن صخب الحياة. امتدت فرحة الفوز لتشمل جميع من تواجد في المكان، والذين حرصوا على تهنئتي بهذا الإنجاز المميز.

هل كنت تتوقعين الفوز بالجائزة؟

صراحة، لم أكن أتوقع الفوز بالجائزة، على الرغم من ثقتي بجودة العمل. ويعود ذلك إلى عدم علمي المسبق بمعايير لجنة التحكيم، بالإضافة إلى شعوري بأن جودة التصوير واستخدام أجهزة متطورة قد تكون عاملًا حاسمًا في حسم النتيجة، بينما اعتمدت في فيلمي على كاميرا بسيطة وتقنيات سينمائية طلابية.

لكن إيماني بقدرة الفيلم على إيصال المشاعر بطريقة سينمائية مكنني من المشاركة في المسابقة، وفوزي هو تتويج لجهودي وإبداعي.

كيف جاءت فكرة الفيلم وعنوانه؟

“فكرة فيلم “وفي النهاية اختفت” هي تراكم أمور معيشية، فالنظر إلى حياة المسنين يشعرني بشيء من الحزن، وفي نفس الوقت أتساءل بل أتخيل كيف ستكون حياتي في مثل هذا السن. كما أن شعور الوحدة يدفعني للتأمل في سرعة تغير الدنيا، وفقدان ما نملكه بين عشية وضحاها”.

فكرة الفيلم تدور حول عمتي الكبيرة التي تعيش وحيدة، أردت من خلال هذا الفيلم التعبير عن مشاعرها وأحاسيسها تجاه هذه الفئة من الناس.

عشت مع عمتي لفترة من الزمن (20 يوما) لتجربة حياة الوحدة عن قرب، وفهم تفاصيل هذه الحياة بشكل أعمق. كما عملت على طريقة بناء فكرة الفيلم أثناء التصوير في الوقت ذاته.

ويمكن القول إن الفيلم كتب في مرحلته الأخيرة، وهي مرحلة المونتاج، وعنوانه مأخوذ من أغنية تظهر ذكريات منزل كان عامرًا في الماضي، وجلسة عائلية يغني فيها أفراد العائلة نفس الأغنية، وكلماتها انسجمت بشكل كبير مع الفكرة العامة للفيلم”.

يسقط بعض المخرجين الوثائقيين في فخ ” الربورتاج” في بداياتهم، هل استحضرت هذا المعطى وأنت تنجزين عملك الأول؟           

بحكم كوني طالبة سينما، حرصت على نقل القصة والأفكار والأحاسيس من خلال الصور بشكل أساس. وإذا كان هناك حوار، فهو يكون جزءًا من القصة وليس الرئيس فيها، حاولت بناء القصة في البداية والوسط والنهاية من خلال اللقطات”.

 مدة الفيلم لا تتجاوز 8 دقائق، إلا أنني استطعت من خلال اللقطات حكي الكثير، وكنت حريصة على تجنب الوقوع في فخ “الروبورتاج”.

لم أخطط لكل تفاصيل العمل بشكل مسبق، بل إن بعض الأشياء جاءت عفوية، وجدت نفسي أستعمل تقنيات من الفن السينمائي، والتي ندرسها في مادة الفيلم الوثائقي. فهذه التقنيات تُستخدم من خلال الصورة والمونتاج، حيث أننا لا نتعامل مع قصة روائية، بل مع شخصيات حقيقية، ونعمل وفق رؤية إخراجية محددة.

على الرغم من أن الفيلم وثائقي، إلا أن المخرج يمكنه توظيف الأحداث الحقيقية في رؤيته الإبداعية. إن الفيلم الوثائقي “وفي النهاية اختفت” ليس مجرد عرض للواقع، بل هو نتاج رؤيتها الإبداعية وتوظيفها للأحداث الحقيقية لخدمة فكرة الفيلم.

السينما الإيرانية ملهمة بالنسبة لي، خاصة أفلام مثل فيلم”كلوز اب” للمخرج عباس كياروستامي وفيلم “التفاحة” للمخرجة سميرة مخملباف، والتي تُعدّ نموذجًا رائدًا في استخدام تقنيات عالية لتحقيق الإبداع. ذلك أن هذا الأسلوب يمحو الحدود الفاصلة بين الفيلم الروائي والوثائقي، ويُخرج العمل من إطار “الربورتاج” ليصبح عملًا سينمائيًا حقيقيًا.

من يشاهد الفيلم بتمعن، يجد فيها نبرة روحية، هل كان ذلك مقصودا؟

جميع أعمالي تحمل جزءًا من روحي، وهذا هو ما يجعلني متحمسة لتحويل الأفكار إلى أفلام. لا أبحث عن أفكار محددة مسبقًا، بل تظهر هذه الأفكار تلقائيًا من خلال الأحاسيس العفوية. تعيش عمتي بإيمانها القوي بالله وتواجه الحياة بكثير من الصبر والعزيمة.

تضمن الفيلم رسائل متنوعة، هل تعتقدون أنها وصلت إلى الجمهور، أم كانت تحتاج الى إضافة ما؟

لمست تفاعل الجمهور مع الفيلم، من خلال أحاديث بعد العرض، والرسالة التي سعت لنقلها قد وصلت بوضوح.

هذا الفيلم يحاول أن يلامس مشاعر الجميع، خاصة الشباب الذين لا يستطيعون تخيل حياتهم بدون أمور يملكونها خلال مرحلة الشباب والصحة وتجمع العائلة، كل هذه المشاعر هي ما دفعني لعمل الفيلم، وكل شخص يشاهد الفيلم يتخيل نفسه كيف سيعيش تلك المرحلة من العمر.

ما هو طموحك المستقبلي؟

طموحي الكبير هو مواصلة مسيرتي في مجال السينما، وتحقيق حلمي بإنتاج “فيلم طويل” في أقرب وقت ممكن.

إن إيماني راسخ بإمكانية تطور هذا المجال في المغرب، وظهور مواهب جديدة من الشباب مثلها أو أفضل، شريطة حصولهم على الدعم اللازم

arArabic