يرتقب أن يساهم هذا الورش الضخم، في مواكبة وتعزيز الدينامية التنموية والطفرة الاقتصادية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية لململكة عموما، وجهة الداخلة – وادي الذهب خصوصا، في عدد من القطاعات من خلال تعزيز الرواج والتبادل التجاري، ودعم قطاع التشغيل.
خصائص عالمية وميزانية ضخمة
تم اعتماد تصميم قابل للتطوير والتوسعة لهذا المشروع، حيث سيتم إنشاء الميناء بالمياه العميقة على الساحل الأطلسي لجهة الداخلة وادي الذهب، وفقا للمكونات الثلاثة التالية: ميناء تجاري على عمق -16م / صفر هيدروغرافي، ميناء مخصص للصيد الساحلي وفي أعالي البحار، وميناء مخصص لصناعة السفن.
ووفق معطيات مشروع الميزانية الفرعية لوزارة التجهيز والماء، التي قدمها الوزير نزار بركة، فقد تم تخصيص 12,4 مليار درهم لإنشاء مشروع ميناء الداخلة الأطلسي، خلال مدرة زمنية بين 2021 و2028.
ووفق معطيات الوزارة، سيتكون المشروع من حوض التجارة، الذي يتضمن 675 متر من الأرصفة بعمق 16 متر، و185 متر من أرصفة الخدمات، ومحطة مخصصة للمحروقات، ورصيف مخصص لسفن العربات على طول 45 متر، إضافة إلى 30 هكتار من الأراضي المسطحة.
ويتكون الميناء كذلك من خوض للصيد سيتكون من 28,8 هكتار من الأراضي المسطحة، و 1662 متر من الأرصفة بعمق 12 متر، إضافة إلى حوض إصلاح السفن، المكون من 138 متر من الأرصفة بعمق 12 متر، و8,6 هكتار من الأراضي المسطحة، وحوض خاص لرافعة السفن.
وسيشيد هذا الميناء بمحاذاة منطقة اقتصادية تمتد على مساحة تقدر ب 1650 هكتارا، وتهدف إلى تقديم خدمات صناعية ولوجستيكية وتجارية عالية الجودة.
آفاق تنموية وتشجيع للاستثمار
قال بوشعيب قيري، المدير الجهوي لوزارة الصناعة والتجارة بجهة الداخلة – وادي الذهب، إن ميناء الداخلة الأطلسي سيساهم بشكل كبير في تنمية الأنشطة الاقتصادية والتجارية بالجهة.
وأفاد قيري، في تصريح للقناة الأولى المغربية، بأن جزءا من الميناء سيحتضن بواخر الصيد الساحلي، وبواخر الصيد في أعالي البحار، وبالنظر للثروة السمكية الهامة التي تزخر بها جهة الداخلة – وادي الذهب، والمقدرة بحوالي 65 بالمائة من مجمل الثروة السمكية بالمملكة، فهذا المعطى سيوفر المادة الخام التي تحتاجها الصناعات المرتبطة بهذا القطاع، سواء تلك المتواجدة بالجهة، أو بالنسبة للاستثمارات التي ستستقطبها مستقبلا.
وأوضح قيري، أنه باعتبار الداخلة بوابة المغرب نحو إفريقيا، سيلعب الجديد دورا أساسيا في المبادلات التجارية، ليس مع القارة الإفريقية فقط، تجسيدا لاستراتيجية انفتاح المملكة على عمقها الإفريقي، وإنما بالانفتاح أيضا على دول أخرى خاصة في القارة الأمريكية، مما سيساهم في الرفع من القيمة المضافة لمساهمة الجهة في الاقتصاد الوطني.
وأضاف المدير الجهوي لوزارة الصناعة والتجارة، أن توفر الميناء الجديد، على ورشات خاصة بصناعة وصيانة السفن، من شأنه أن ينعش هذا القطاع بالمملكة، من خلال استقطاب كل السفن العاملة بالأقاليم الجنوبية، التي كانت تضطر للجوء إلى الخارج للقيام بعمليات الصيانة.
دور مميز في الملاحة العالمية
يرى علي بوطيبة، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن ميناء الداخلة الجديد، من شأنه أن يحول هذه المدينة والجهة ككل، إلى قطب صناعي من خلال خلق فرص الشغل، سواء لساكنة الأقاليم الجنوبية، أو بالنسبة للمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء.
كما يتوقع أن يسهم هذا الورش الكبير، في إبراز جهة الداخلة – وادي الذهب، كبوابة للبلدان، الإفريقية ومركز جذب للمستثمرين المغاربة والأجانب، المهتمين بالتصدير إلى إفريقيا، لاسيما في إطار منطقة التبادل الحر القارية.
وأوضح بوطيبة، للقناة المذكورة، أن الميناء الجديد، يرتقب أن يقوم بالدور الذي يلعبه حاليا ميناء “سان فراسيسكو” الأمريكي، باستقطاب السفن القادمة من الصين، عبر المحيط الهادي، مشكلا بذلك ممرا استراتيجيا وهاما في خريطة الملاحة التجارية العالمية.
وستشكل مشاريع أخرى، التي بلغ تقدم الأشغال بها نسبة مهمة، دعامة أساسية لورش ميناء الداخلة الأطلسي، خصوصا الطريق السريع الرابط بين تيزنيت والداخلة، والمتجه صوب الحدود المغربية – الموريتانية، وباقي بلدان القارة الإفريقية، في سياق دعم توجه المملكة نحو تمتين سبل التعاون جنوب – جنوب.
منصة للتلاقي
قال الحسن لحويدك، رئيس جمعية الوحدة الترابية بجهة الداخلة – وادي الذهب، إن الميناء الأطلسي الجديد بالداخلة، يعد من بين المنجزات التنموية التي ستعزز مكانة الجهة، كقطب اقتصادي جهوي مهم.
وأبرز لحويدك، في تصريح للقناة، أن هذا الميناء سيمكن من تحقيق مجموعة من الآفاق التنموية الواعدة بالجهة، حيث سيعمل على تطوير قطاعات متعددة في جل المجالات، خصوصا على مستوى الصيد البحري، كما سيكون له دور مهم في دعم قطاع التشغيل، من خلال خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، خلال عملية الإنجاز وبعد افتتاحه.
ويأتي تشييد هذا المشروع، في وقت تشهد فيه الأقاليم الجنوبية للمملكة، طفرة تنموية، يوازيها ازدهار في مجالات الفلاحة والصيد البحري والتجارة والسياحة.
وسيشكل هذا المشروع الاستراتيجي، جسرا بين إفريقيا والقارتين الأمريكية والأوروبية، حيث يرتقب أن تتحول جهة الداخلة – وادي الذهب بفضله إلى وجهة عالمية للتبادل التجاري عبر القارات، كما سيساهم في مضاعفة الاستثمارات الوطنية والأجنبية بالأقاليم الجنوبية للمملكة.
وتابع المتحدث ذاته، أن هذا الميناء، سيمكن هذه المدينة التي أضحت منصة للتلاقي بين المغرب وعمقه الإفريقي، من مكانة مرموقة، ليس فقط على المستوى القاري بل على المستوى العالمي.