تحت عنوان “الجزائر والمغرب والبنك الدولي: تشريح أزمة أعصاب”، قالت مجلة “جون أفريك” الفرنسية إن آخر تقرير عن الاقتصاد الجزائري من المؤسسة الدولية دفع ثمن التوترات بين الجزائر والرباط.. وتحدثت عن “قصة غضب تجسد التوترات السائدة داخل السلطة الجزائرية”.
وأوضحت المجلة أن أحدث تقرير للبنك الدولي عن الوضع الاقتصادي في الجزائر والذي نُشر في 22 ديسمبر الماضي كان من الممكن أن يمر مرور الكرام دون أن يلاحظه أحد، لكن وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية قررت خلاف ذلك؛ حيث انتقدت الوكالة بشدة تقرير المؤسسة الدولية، واصفة إياه بأنه “مناورة ودعاية”. واتهمت المؤسسة بـ “تجاوز إطارها المؤسسي”، واستنكرت “مؤامرة تهدف إلى الإضرار باستقرار البلاد” من خلال هذا النوع من التقارير السلبية والضارة، استناداً إلى مؤشرات وحجج غير منبثقة عن مصادرها”. واحتجت الوكالة الجزائرية على “تقرير خاطئ، لا سيما بشأن تقييم النمو والفقر، والذي كتب بتحريض من أطراف معينة معروفة بأعمالها العدائية الجزائر وتشكل محاولة لزعزعة البلاد”.
واعتبرت المجلة أنه تصعيد يجب قراءته في ظل تصاعد التوترات التي لوحظت في الأشهر الأخيرة بين الجزائر والمغرب. وأوضحت أنه في الأيام التي تلت ذلك نشرت الوكالة عدة برقيات تفند ما جاء في التقرير. بعد ذلك، حاول رئيس الوزراء ووزير المالية تهدئة الأمور بالدعوة إلى “قراءة شاملة للتقرير”. وأشار وزير المالية إلى أنه “حتى لو لم نتفق على بيانات معينة، فهو مليء مؤشرات إيجابية”.
لكن هجوم وكالة الأنباء الجزائرية لم يتوقف ووصل ذروته ببرقية للأخيرة في الرابع من الشهر الجاري أكدت فيها أن “المعلومات التي استخدمها البنك الدولي لإعداد تقريره عن الجزائر هي من خيال تونسي اسمه فريد بلحاج، نائب رئيس البنك الدولي المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.
وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية أن “الدليل القاطع” على “الطابع الزائف للتقرير نقله أصدقاء فرنسيون للجزائر”، وتتطرق إلى وثيقة “صدرت بتوجيهات من القصر الملكي المغربي وتلحق العار بنائب رئيس البنك، المتهم بأنه صديق مقرب للأمير المغربي مولاي رشيد والعديد من الوزراء المغاربة”. وتؤكد المجلة أنه مع ذلك، لا تقدم برقية وكالة الأنباء الجزائرية أي حقيقة أو وثيقة محددة تؤكد صحة هذا المزاعم. واشارت المجلة إلى “أن مراقبين يرون أن التونسي بلحاج كان يراد تقديمه ككبش فداء”.
وبعد أن ظل صامتاً حتى ذلك الحين، رد البنك العالمي أخيرًا، وأصدر بياناً في يوم 6 يناير الجاري أشار فيه إلى أن التقرير “يستند حصريًا إلى البيانات العامة وأنه تم إعداده بأكبر قدر من الدقة من قبل فريق من الاقتصاديين العاملين في المنطقة المغاربية”. وأكد البنك العالمي أن استنتاجاته “تتماشى مع البيانات الرسمية المتاحة على الموقع الإلكتروني. وتاريخ إغلاق البيانات من التقرير (1 نوفمبر 2021) ، والذي تم عرض معظمه في تقرير بنك الجزائر الصادر في 22 ديسمبر 2021 “.
ومع رفضه الرد على الهجوم الشخصي “الانفعالي” ضد نائب رئيسه، قال البنك الدولي إنه يلاحظ “مع الأسف أن بعض البرقيات اعتمدت لغة قد تكون تجاوزت أفكار مؤلفيها المجهولين”. ورد البنك الدولي: “على الرغم من كونها غير مقبولة، فلن يتم الرد على هذه الملاحظات، لأننا نعتبر أنها لا يمكن أن تكون حجة أو تشكل عنصرًا للنقاش”.
واعتبرت” جون أفريك” أنه بالإضافة إلى جوهر تقرير البنك الدولي، يبدو أن سياق التوترات الدبلوماسية بين الجزائر العاصمة والرباط، فضلاً عن اضطراب النظام الجزائري الخاضع للوضع الاجتماعي والاقتصادي المتوتر ، هي عوامل لعبت دورًا كاملاً في إثارة هذا “الرد الهستيري”، كما وصفته المجلة. وزعمت المجلة أنه “في مواجهة الصعوبات الداخلية ، تميل الجزائر العاصمة إلى توجيه تهديد العدو الخارجي المغربي من أجل الحفاظ على السيطرة . وهو رد فعل يصعب تصحيحه”.
جريدة القدس العربي