رحل امبراطور الإعلام ورئيس الوزراء الإيطالي الأسبق سيلفيو برلسكوني، الإثنين، عن عمر ناهز 86 عاما، تاركا صفحات طويلة من الذكريات والقضايا الشائكة خلفه.
برلسكوني ولد في 29 سبتمبر 1936، وبدأ حياته المهنية ببيع المكانس الكهربائية، كما اشتهر بالغناء في الملاهي الليلية وعلى متن السفن السياحية.
تخرج من كلية الحقوق عام 1961 ثم أسس شركة إديلنورد للإنشاءات، حيث اشتهر كمتعهد لبناء المساكن في مسقط رأسه بمدينة ميلانو.
وبعد 10 سنوات، أسس شركة محلية لتجهيزات القنوات التلفزيونية، تحولت فيما بعد إلى أكبر إمبراطورية إعلامية في إيطاليا، والتي باتت تعرف باسم (ميدياست).
وجمعت الشركة القابضة الضخمة الخاصة به تحت مظلتها ميدياست وأكبر دار نشر في ايطاليا وجريدة يومية ونادي آيه سي ميلان فضلا عن عشرات الشركات الأخرى.
وتسيطر شركته الاستثمارية على أكبر ثلاث محطات تلفزيونية خاصة في البلاد، فضلا عن أنه كرئيس للوزراء كان مسؤولا عن تعيين مدراء القنوات العامة الثلاث في البلاد.
الحكومة
يلقب برلسكوني بـاسم “الفارس” بسبب التكريم الذي حصل عليه في عام 1977 من الرئيس جيوفاني ليوني كفارس للعمل والذي تخلى عنه في عام 2014.
وفقا لمجلة فوربس الأميركية، حصل برلسكوني في عام 2013 على لقب أغنى سابع رجل في إيطاليا ومن أغنى 194 في العالم وذلك بسبب ثروته الشخصية التي تقدر بنحو 6.2 مليار دولار.
اتهم وحوكم في أكثر من 20 محاكمة قضائية.
تولى رئاسة الحكومة في إيطاليا على ثلاث فترات:
من مايو 1994 إلى يناير 1995.
من يونيو 2001 إلى مايو 2006.
من مايو 2008 إلى نوفمبر 2011.
وقد استبعد من مجلس الشيوخ في نوفمبر 2013 إثر ادانته بتهمة تهرب ضريبي، ومُنع من المشاركة في الانتخابات النيابية ست سنوات، لكنه أنتخب في البرلمان الأوروبي في 2019.
“البونغا بونغا”
نظر القضاء الإيطالي في عام 2017 في تهمتي الرشوة والتلاعب بشهادات الشهود في القضية المتعلقة بحفلات “البونغا بونغا” الجنسية التي كان يقيمها.
واتهم رئيس الحكومة الايطالية السابق بدفع مبلغ يتجاوز 10 ملايين يورو على هيئة نقود وسيارات وهدايا ونفقات اقامة لضيوف اقاموا في مسكنه القريب من ميلانو وذلك من اجل الشهادة لصالحه في القضية المعروفة بقضية “روبي”.
وأساس هذه التهم هي المحاكمة التي خضع برلسكوني بتهمة دفع المال مقابل ممارسة الجنس مع فتيات شابات كانت أشهرهن راقصة تدعى “روبي سارقة القلوب” لم تكد تبلغ آنذاك سن الـ 18.
وأدين برلسكوني في تلك المحاكمة وحكم عليه بالسجن لمدة 7 سنوات بتهمتي استغلال السلطة واغواء القاصرات.
لكن أخليت ساحته في عام 2015 بعد استئنافه الحكم، إذ قال القاضي آنذاك إن برلسكوني لم يكن بمقدوره أن يعلم أن “روبي سارقة القلوب”، واسمها الحقيقي كريمة المحروق، كانت قاصرا.
ميلان الذهبي
امتدت رئاسة سيلفيو برلسكوني، رئيس الحكومة الإيطالي، في نادي ميلان خلال الفترة من 1986 حتى 2005.
يعد برلسكوني من أشهر رؤساء أندية كرة القدم الإيطالية على مرّ التاريخ، بعد أن قاد فريق ميلان إلى المجد المحلي والقاري في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.
أجرى برلسكوني صفقات لا تنسى في الفريق الأحمر والأسود، خصوصا الثلاثي الهولندي ماركو فان باستن، رود خوليت وفرانك ريكارد. وتعاقد مع المدرب أريغو ساكي الذي صنع ثورة فنية في تكتيك كرة القدم، بالإضافة إلى المدرب الفذ فابيو كابيلو.
نجح برلسكوني في انتشال ميلان من القاع بعد هبوطه عام 1980 في فضيحة المراهنات، لينجح في قيادة الفريق للتتويج بدوري موسم 87 – 88، لتبدأ فترة 31 عاما لزعيم ميلان.
خلال تلك الفترة، توج الفريق بـ8 بطولات للدوري الإيطالي، و7 ألقاب للسوبر، و5 ألقاب في عهده لدوري الأبطال، و5 بطولات سوبر أوروبي، بالإضافة لبطولة كأس العالم للأندية.
فضيحة تنهي العصر الذهبي
“كالتشيو بولي” الفضيحة التي هزت الكرة الإيطالية وأدت لهبوط يوفنتوس إلى الدرجة الثانية، قللت من قيمة الرعاية لمباريات الدوري الإيطالي، إلى جانب عدم امتلاك نادي ميلان لملعب سان سيرو، الذي يتبع مجلس مدينة ميلانو ويشاركه فيه نادي إنتر.
قل مقابل الرعاية تدريجيا، ولم يتحمل النادي قيمة الصفقات الكبيرة التي بدأت في إبرامها أندية القمة في أوروبا، ليتراجع ميلان على مدار السنوات منذ 2007 حتى عام 2017.
برلسكوني قرر التخلي عن نادي ميلان وبيعه إلى رجال أعمال صينين، يرأسهم يونغ هونغ، مقابل 740 مليون يورو.
تصريحات في صف بوتين
تسريبات لتصريحات أطلقها برلسكوني مؤخرا، أكدت دعمه للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه على أوكرانيا.
برلسكوني قال: “كان لابد لبوتين من شن عمليته الخاصة في أوكرانيا، والوصول لكييف للإطاحة بالحكومة، وتنصيب حكومة اختارتها بالفعل الأقلية الأوكرانية تتألف من قادة أكثر عقلانية”.
صحة متدهورة
كان الملياردير قطب الإعلام قد نقل الجمعة إلى مستشفى في ميلانو بسبب ما وصفه مساعدوه بالخضوع لفحوص طبية مخطط لها مسبقا، مرتبطة بإصابته بمرض سرطان الدم.
أدخل برلسكوني إلى المستشفى مرّات عدّة في السنوات الأخيرة، خصوصا بعد إصابته بكوفيد-19 في العام 2020. ورغم إعادة انتخابه في مجلس الشيوخ العام الماضي، كانت إطلالاته العلنية نادرة.