كتاب الإعلام بمن حل بمراكش وأغمات من الأعلام : موسوعة تاريخية هامة في التراجم، استقى المؤلف مادتها من مصادرها كثيرة مخطوطة ومطبوعة، واستغرقت مدة تأليفها أزيد من خمسين سنة“مطالعا كل ما يقع بين يديه من الكتب والأوراق والظهائر والرسوم لينتقي منها كل ما يمت بسبب وثيق أو واه إلى مراكش وأغمات، ومن ولد بهما أوزارهما من الملوك والأمراء والوزراء والعلماء والأدباء والأولياء والصلحاء، وحتى الحمقى والمجاذيب” كما أشار إلى ذلك الأستاذ عبد الوهاب بن منصورفي مقدمة تحقيقه للكتاب. (6)
اهتم المراكشي بتاريخ مدينته وبعلمائها وصلحائها، فنظم قصيدته “درر الجمال في مناقب أولياء مراكش سبعة رجال“(7) ثم وضع لها شرحا سماه“إظهار الكمال في تتميم مناقب سبعة رجال“(8). ولعله تنبه للإهمال الذي عليه تاريخ المغرب، فلم يحظ أدباؤه وشعراؤه ومؤرخوه بما يستحقونه منعناية، فتحفظ كتب التاريخ المفقودة، ودواوين الشعراء الضائعة إنتاجهم، فانصرف اهتمامه إلى التأريخ لمدينة مراكش والترجمة لصلحائها وعلمائهاوشعرائها في منظومته وشرحه السابقي الذكر، ولعل تقريظ الشيخ عبد الحي الكتاني لهذا العمل كان حافزا للمؤرخ المراكشي على كتابة موسوعتهالتاريخية:”الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام” فيما بعد.
أما قصة تأليف الكتاب، فقد لخصها محققه الأستاذ بن منصور اعتمادا على ما جاء في مقدمة المؤلف. فباقتراح وطلب من الشيخ عبد الحي الكتانيفي تدوين مناقب رجال مراكش، والترجمة لعلمائها وأعلامها. “لم يسع قاضي مراكش عباس بن إبراهيم إلا أن يستجيب لداعي الشيخ عبد الحيويعمل بإشارته، لأنه رأى أن عزمات الرجال تظهر نتائجها بكثرة الأشغال، والهمم تجود بمداومة العمل، وتقصر عند سلوك طرق الإهمال والعلل“.(9)
وقد طبع الكتاب في حياة المؤلف في خمسة أجزاء، بالمطبعة الجديدة بفاس، ما بين سنتي 1936 – 1938، وتضم هذه الأجزاء المقدمة وتراجمالأحمدين والمحمدين، ويعزو الأستاذ ابن منصور عدم طبع الأجزاء الباقية إلى نشوب الحرب العالمية الثانية.
كما طبع الكتاب ثانية بتحقيق الأستاذ ابن منصور بعد أن أذن جلالة الملك الحسن الثاني بطبع الكتاب ونشره كاملا، تلبية لالتماس ابن المؤلفالدكتور يوسف في الموضوع.
وقد استغرق تحقيق الكتاب كاملا وطبعه فيما بعد أزيد من تسع سنوات، إذ صدر الجزء الأول منه عن المطبعة الملكية بالرباط سنة 1974، والجزءالعاشر والأخير سنة 1983.
أما اسم الكتاب فهو متعدد كما يشير إلى ذلك المؤلف :”ووسمته حين رسمته “بالإعلام بمن حل مراكش من أغمات من الأعلام وملوك الإسلام“، ولك أنتترجمه “بحلل الزراكش في تاريخ أغمات ومراكش“، ولك أن تعلمه “بالابتهال والاهتمام. بذكر من حل أغمات ومراكش من العلام وملوك الإسلام“، ولكأن تنعته بالترجمان المعرب بمن حل من الأعيان مراكش وأغمات من عواصم المغرب…إلخ“.(10) وتتعدد الأسماء إلى أن تصل إلى عشرة، وكلها أسماءمسجوعة على طريقة القدماء في تحلية أسماء مؤلفاتهم.
أما تأليف الكتاب، فكان بإشارة من الشيخ عبد الحي الكتاني – كما سبق – ودعوة المؤلف إلى تأليف كتاب ثان يعزز به كتابه الأول “إظهار الكمالفي تتميم مناقب سبعة رجال” ويظهر أن تقريظ الشيخ الكتاني لهذا الكتاب كان الدافع الأول للتأليف، فعنه يقول : “وموضوعه الأشرف الأجلى،الأحلى الأغلى الذي هو ذكر آثار من مضى من السلف، وما ينبغي أن ينهج على سبيله من وفق من الخلف“.(11)
ولا شك أن المؤرخ المراكشي قد اقتنع بإشارة الشيخ الكتاني، فنجده يتحدث عن قلة التصانيف المصنفة في تاريخ مراكش ورجالها، وعن تقصيرالمغاربة في التأريخ لبلدهم ورجالهم، لذلك “اقتفيت إشارته – أي الكتاني – راجيا حصول المطلوب على وفق الأمل، مرتبا على حروف المعجم، ليسهلبه كشف ما أعجم، مقدما الأحمدين ثم المحمدين“(12).
وإذا كان المؤلف قد اعتمد على مصادر كثيرة في الفقه والتاريخ والجغرافيا والأنساب والشعر والأخبار وغيرها لتقديم تراجمه، فإنه ينبه إلى اعتمادهعلى مؤلفات المترجم لهم في استخراج ترجمة حياتهم، إذ “أنه لا يجد في ذكر المترجم ممن تقدم زمانه أو تأخر إلا سطرا أو نحوه، ثم إنني أذكر فيترجمته الورقة، فأزيد وأستخرج ذلك من تآليف له إن وجدته، وقد لا أجد له ترجمة فأستخرجها له من كلامه“(13)