مع دخول الحرب الإسرائيلية على غزة شهرها الثاني ردا على هجوم 7 أكتوبر، يحذر خبراء أمريكيون إسرائيل من وجود احتمال كبير في أن تكون هذه الحرب، “الأولى” الخاسرة.
ويلفت جون ألترمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إلى أنه على الرغم من عدم وجود خيار آخر غير النصر، بسبب التفوق الإسرائيلي الساحق على حماس، لكن “من المحتمل جدا أن تكون الحرب في غزة هي الحرب الأولى في تاريخ إسرائيل التي خاضها الجيش وخسرها. وستكون هذه الخسارة كارثية بالنسبة لإسرائيل وستلحق أضرار بالغة بالولايات المتحدة”.
ألترمان، يقول في سياق تفسير موقفه إن “قوة إسرائيل تسمح للبلاد بقتل المدنيين الفلسطينيين، وتدمير البنية التحتية الفلسطينية، وتحدي الدعوات العالمية لضبط النفس. كل هذه الأمور تعزز أهداف حماس العسكرية”.
وفيما يحاصر الجيش الإسرائيلي قطاع غزة ويواصل حملة قصف جوي ومدفعي وهجمات برية عنيفة ومدمرة، تقدر صحيفة “أكسيوس” الأمريكية قوات الغزو الإسرائيلي بحوالي 20 ألف عسكري، مشيرة إلى أن حركة حماس تقدر قواتها بـ 40 ألف مقاتل.
الصحيفة ترصد الأوضاع في أرض المعركة المكتظة بالسكان قائلة إن القتال يستمر الآن في ضواحي غزة، وكذلك حصار بيت حانون. لم تستطع القوات الإسرائيلية الاستيلاء على مدينة أخرى هي خان يونس. كما أحبط الفلسطينيون محاولة لشن هجوم برمائي إسرائيلي على شاطئ رفح”.
بهذا الشأن يرى خبراء آخرون أن “القوات البرية الإسرائيلية تستخدم تكتيكا بطيئا للتقدم نحو مدينة غزة، حيث تقوم بمناورة بين التوغلات والانسحابات، بهدف سحب مقاتلي حماس، والكشف عن مواقعهم، ثم تمشيط هذه المواقع بغارات جوية”.
أما المعهد الأمريكي للحرب الحديثة “MWI”، فيعتقد أن العملية البرية الإسرائيلية في قطاع غزة “ستحدد إلى حد كبير شكل حرب المدن في السنوات المقبلة، ويصف الخبراء الأمريكيون معاييرها التقريبية على النحو التالي:
أولا: الاستخدام النشط للصواريخ في ظروف الأبنية المتراصة، بخاصة أن حماس لديها ترسانة من الصواريخ تقدر بعدة آلاف.
ثانيا: استخدام طائرات مسيرة أكثر من الصواريخ، فلم “يكن على الأمريكيين في عام 2003 ولا الإسرائيليين في عام 2014 التعامل مع مثل هذا العدد والتنوع من الطائرات من دون طيار، من طائرات الكاميكاز المسيرة إلى المروحيات الرباعية التجارية المعدلة لإسقاط الذخيرة”.
ثالثا: انتشار استخدام الأنفاق والتحصينات تحت الأرض في قطاع غزة.
رابعا: الاستخدام الفعال للأسلحة المحمولة المضادة للدبابات.
هذه الأنواع وغيرها من الأسلحة المحمولة والفعالة سهلة النقل والإخفاء.
خامسا: استخدام الدعم والقناصة. حماس، بحسب المعهد الأمريكي للحرب الحديثة، “ستسعى جاهدة من أجل القيام بدفاع نشط قائم على القتال المباشر. وتستند هذه التكتيكات على نقاط قوية “المباني المصنوعة من الخرسانة والحديد الصلب، وغالبا مع طوابق سفلية وأنفاق”، وقناصة.
وبهذا الشأن يقول المصدر ذاته إن تاريخ حرب المدن يظهر أن الاستيلاء حتى على مبنى واحد، قد يستغرق أسابيع أو شهورا.
من جهة أخرى، تنقل مجلة “تايم” عن عاموس فوكس، الباحث في جامعة “ريدينغ” المتخصص في الحرب غير النظامية، تشديده على أن “تضاريس غزة قد تجعلها أكثر فتكا للمدنيين من حرب المدن في العراق وسوريا”.
وفيما يعتقد جون سبنسر، وهو ضابط أمريكي متقاعد ورئيس دراسات حرب المدن، أن الجيش الإسرائيلي قادر على تدمير قدرات حماس العسكرية، يشكك عاموس فوكس في ذلك قائلا: “من الناحية الواقعية، فإن مثل هذه الأهداف تكاد تكون بعيدة المنال دائما لأنه من الصعب القضاء على فكرة أو أيديولوجية، وشعب يعمل على تلك الأيديولوجية، خاصة بالنظر إلى الوضع الجيوسياسي الذي كان موجودا هناك منذ عام 1948”.
الباحثان الأمريكيان يتفقان على أن “الضغط من قبل المجتمع الدولي قد يلعب دورا كبيرا في النتيجة النهائية للحرب. تظاهر مئات الآلاف من الناس في جميع أنحاء العالم ضد الغارات الجوية الإسرائيلية في غزة ودعوا إلى وقف إطلاق النار”.
جون سبنسر، الضابط الأمريكي المتقاعد والمتخصص في حرب المدن يصل إلى خلاصة في هذا الشأن مفادها أن “الحرب لا تتعلق فقط بهزيمة عدوك، إنها تتعلق بهزيمة إرادة عدوك. أي مدافع سيخسر مع ما يكفي من وقت، لكن الأنفاق تسمح له بالبقاء على قيد الحياة وإبطاء الجيش الإسرائيلي حتى يطلب منهم التوقف”، من قبل المجتمع الدولي.
عن موقع روسيا اليوم