حديقة ماجوريل، جنان ساحر وسط مدينة مراكش، يعبق داخل أسوارها عالم أخضر، يضم نباتات من القارات الخمس تتناسق مع ألوان، تنبض بالحياة تحيلك إلى الحضارة الإسلامية في عصرها الذهبي، أصبحت قبلة مهمة لسياح العالم بعد رحيل المصمم العالمي إيف سان لوران و اندثار رماده بين أحضانها.
تعود فكرة تأسيس الحديقة إلى العام 1919، وتعد الآن قطباً سياحياً تعتمد عليه مراكش الحمراء، تتطلّب من الجميع مقابلاً مادياً وساعات محدودة ومضبوطة للزيارة، خلافاً لحدائق مراكش الأخرى.
ولعل هذا الاختلاف الذي يتلاشى ما إن تطأ الأقدام باب الحديقة، لينتاب الزائر إحساس بأنه أمام تحفة طبيعية وفنية نادرة، تتشكّل على ما يقارب الهكتار تختزل فيه التاريخ البيئي للمدينة الحمراء، عبر مسالك مفتوحة على مشاهد رائعة..
حيث الزنبق المائي واللوتس والبردي وغيرها من النباتات المائية، يكشف صفاء مياهها قمة الاعتناء بهذه الجنان، الذي ظل لعقود يستقبل نباتات ولغات وحضارات العالم، ارتبط باسمين فرنسيين عالميين خلدوه كسحر يجدب الباحثين عن الألوان وجمال حدائق الحضارة الإسلامية.
تحوّل إلى متحف
كان هذا الجنان افتتح 1947 كحديقة من إبداع الرسام الفرنسي جاك ماجوريل بعدما فصلت فيلاته الخاصة، والمقامة على ثلاثة هكتارات من المساحة ستحمل اسمه فيما بعد، ليشكّل الجزء المفتوح للعموم لوحة فنية استفادت من المميزات الفنية لهذا الرسام.
ومن الحس الفني والأنيق للمصمم العالمي إيف سان لوران، وصديقه بيير بيرجيه بعد أن انتقلت الملكية لهما عقب وفاة جاك ماجوريل، إذ عانت الحديقة خلال تلك الفترة الانتقالية من إهمال كاد يعصف بها..
إلا أن سان لوران وصديقه تداركا مآل الحديقة، حيث عملا على ضمان استمرارها كفضاء مفعم بالحياة يحمل في طياته رموز الحضارة الإسلامية، كمتحف الفن الإسلامي يعرض عدداً من الإبداعات التي أنتجها الفنان ماجوريل في نفس المكان..
حيث كان عبارة عن مرسم للراحل ماجوريل تحيطه برك وأحواض مائية تطفو على سطحها بعض النباتات المائية مثل اللوتس البردي والزنبق المائي وغيرها والتي تتعدّد بـ 300 صنف من النباتات والأشجار تكاد تغيب عنها النباتات الوردية، فيما تنتصب نافورة قصيرة عند المدخل تتحدث بخرير مياهها وبزقزقة العصافير.
700 ألف سائح
وتستقطب الحديقة سنوياً 700 ألف سائح من أجانب ومغاربة حسب جمعية حماية حديقة ماجوريل التي كان قد أسسها بيار بيرجيه وإيف سان لوران 2004 بهدف إدارة الحديقة والمرسم…
والتي تضم أكثر من تسعين شخصاً يسهرون على جمالية الحديقة، لتعتبر الآن إحدى عجائب الدنيا بحسب تعبير صحيفة «كومسومولسكايا برافدا» الروسية، في عدد خاص كانت تناولت فيه الحدائق العالمية، وذلك لما تزخر به الحديقة من تناسق مدهش بين بنايات وأثاث الحديقة المطلية بالأزرق والأصفر.