انطلقت، اليوم الأربعاء بمراكش، أشغال المؤتمر الدولي حول الموارد المائية في الحوض المتوسطي، المنظم عبر تقنية الفيديو وعلى مدى ثلاثة أيام، بمبادرة من المركز الوطني للدراسات والبحوث حول المياه والطاقة التابع لجامعة القاضي عياض.
ويشارك في هذا المؤتمر، المنظم بتعاون مع كلية العلوم السملالية وكلية العلوم والتقنيات ومركز تطوير منطقة تانسيفت، أزيد من 250 باحثا وخبيرا ومهنيا وطلبة دكتوراه من مختلف دول البحر الأبيض المتوسط، قصد توحيد جهودهم ومبادراتهم في مجال الابتكار والمعارف والكفاءات، من أجل إيجاد أفضل السبل الكفيلة بتثمين الماء، بالإضافة إلى تعزيز تبادل الخبرات الوجيهة في الميدان.
ويعتبر هذا اللقاء العلمي فرصة للتقييم العلمي للعمل البحثي الذي يهتم بالقضايا ذات الصلة بالمياه في حوض البحر الأبيض المتوسط وتأثيرها على التنمية المستدامة لبلدان المنطقة، فضلا عن كونه فرصة لإرساء الحوار والتبادل في نطاق واسع للخبرات والنتائج بين الفاعلين في هذا المجال.
وبهذه المناسبة، أكد رئيس جامعة القاضي عياض السيد لحسن لحبيض على ضرورة تكثيف الأبحاث في مجال تدبير والمحافظة وتقييم الموارد المائية بالمغرب، الذي يتميز بمناخ جاف، مشيرا إلى أن المملكة على غرار عدة دول جنوب البحر الأبيض المتوسط ستعرف نقصا كبيرا، وأخرى ستعاني بشكل أقل حدة من ندرة هذه المادة الحيوية.
وأضاف أنه لمواجهة هذه التغيرات المناخية تبنى المغرب بعض البدائل التكنولوجية لتجاوز عدد من الاكراهات المرتبطة بتقلص الموارد المائية، في المقابل يتعين تعزيز البعض الآخر في عدد من الأحواض المائية التي تعاني من نقص المياه، من بينها نقل المياه بين الأحواض، وتشجيع الري الموضعي ، وتحلية المياه المالحة، وإعادة استخدام مياه المعالجة.
وقال إن تبادل النتائج العلمية المحققة في مختلف المواضيع التي سيتم تناولها خلال هذه الدورة، من شأنه أن يسهم في مواجهة تحديات دول البحر الأبيض المتوسط من حيث الحفاظ على الموارد المائية ضد التلوث وإعادة التدوير وتثمين المياه غير التقليدية، وتسليط الضوء على العلاقة الكائنة بين الماء والطاقة والزراعة.
من جانبه، ثمن عميد كلية العلوم والتقنيات بمراكش السيد موحى تاوريرت موضوع هذا المؤتمر الدولي، وذلك لما تكتسيه هذه المادة الحيوية من أهمية كبيرة على المستوى الإقليمي والعالمي، مشيرا إلى الأبحاث التي تساهم بها المختبرات التابعة لهذه الكلية والتي تروم استخلاص مجموعة من التوصيات لتحسيس الرأي العام والعمل على حث المسؤولين على تحسين تدبير الموارد المائية واقتراح حلول وآليات للعمل من أجل مساعدة الدول التي تعاني من نقص حاد من الماء وتقديم مقاربات قابلة للتنفيذ.
من جهته، أوضح عميد كلية العلوم السملالية السيد محمد العلوي الطالبي أن هذا اللقاء سيعمل لا محالة على الرقي بالعلاقات القائمة بين الجامعات وتعزيز التعاون بين مختلف المختبرات المعنية بالبحوث في القضايا المتعلقة بمشاكل إدارة المياه في حوض البحر الأبيض المتوسط، مضيفا أن هذا الملتقى ينعقد في الوقت الذي تواجه فيه دول هذه المنطقة تغييرات كبيرة من شأنها التأثير على استدامة موارد المياه.
أما السيد أندرياس إنجيلاكيس عضو الأكاديمية الأوروبية للعلوم والفنون (اليونان)، فاستعرض في محاضرته الافتتاحية لهذا المؤتمر حول تطور تقنيات إعادة استعمال المياه، التغيرات الكبيرة التي طالت تدبير مياه المعالجة منذ بداية القرن العشرين، مبرزا أنه من خلال فهم ممارسات وحلول الماضي، نكون في وضع أفضل لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل.
وبعد أن أوضح الدور المهم الذي سيلعبه مستقبلا إعادة استعمال المياه المعالجة في المناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية، أكد الخبير اليوناني أن إعادة النظر في استخدام مياه الشرب سيكون عنصرا حاسما في تطوير استراتيجيات مستدامة لتزويد الساكنة بهذه المادة الحيوية.
وركزت باقي التدخلات على أهمية حماية الموارد المائية من خلال إرساء قوانين صارمة واعتبارها مادة ثمينة للغاية وتعتبر موردا طبيعيا وجزءا من التراث الإنساني، مما يستدعي حمايتها وتنمية مواردها في إطار توازن طبيعي، مشيرين إلى التفكير الشامل لعمل فعال على المستوى المحلي والإقليمي في قطاع المياه أصبح ضرورة أساسية، وذلك من خلال تصميم طرق جديدة لتدبير المياه، من أجل ضمان قدر أكبر من المساواة والكفاءة والاستدامة في استخدام الموارد المائية.
ويناقش المشاركون خلال هذا الملتقى العلمي مواضيع تهم بالأساس “تدبير الموارد المائية”، و”جودة الماء والتلوث”، و”استرجاع المياه غير التقليدية”، و”التدوير وإعادة الاستعمال”، و”العلاقة بين الماء والطاقة والتغذية”.
وسيتم اختيار أفضل مداخلة شفهية أو على شكل ملصق يقدمها طلبة الدكتوراه من قبل لجنة التقييم، حيث سيتم تقديم جائزة لتشجيع الباحثين الشباب (طلبة الدكتوراه).
و م ع