صومالي -مرفوض طلب لجوئه- قتل ثلاث نساء طعنا وقال شهود إنه هتف “الله أكبر” أثناء الاعتداء فيما كُشِفَ أنه كان يتلقى علاجا بمصحة نفسية. ترددت حكومة ألمانيا في تصنيف اعتدائه إرهابيا في حين استغله حزب شعبوي لتوسيع قاعدته الانتخابية قبل ثلاثة شهور من الانتخابات. إيمان ملوك تابعت النقاش الألماني حول الهجوم.
محققون يرجّحون أن تكون عملية طعن قتلت فيها ثلاث نساء في ألمانيا نفّذت بدوافع إسلاموية: رجح محققون ألمان الثلاثاء 29 / 06 / 2021 أن تكون عملية الطعن التي نفّذها صومالي الأسبوع السابق وأدت إلى مقتل ثلاث نساء في مدينة فورتسبورغ (جنوبي ألمانيا)، تمّت بدوافع إسلاموية متطرفة.
وجاء في بيان مشترك لمدعي ولاية بافاريا ومكتب التحقيقات المرتبطة بالجرائم أن “المكتب البافاري المركزي للتطرف والإرهاب تولى التحقيق نظرا إلى الترجيحات بأن الدافع كان إسلامويا”.
ونفّذ المشتبه به الصومالي البالغ 24 عاما عملية الطعن الجمعة 25 / 06 / 2021 في فورتسبورغ، حيث قتل ثلاث نساء وأصاب ستة أشخاص آخرين بجروح بالغة.
وبدأ المهاجم الذي وصل إلى ألمانيا في 2015 هجومه من متجر لبيع المعدات المنزلية قبل أن يتوجه إلى مصرف.
وحاصره مارة لتسيطر عليه الشرطة لاحقا بعدما أطلق عناصرها النار على فخذه.
وعثر المحققون على سجلات تكشف بأنه كان يتلقى العلاج في مصحة للأمراض النفسية وأكدت الشرطة أنه لم يكن إسلامويا معروفا لدى السلطات.
لكن السلطات البافارية أشارت في بيانها إلى عدة عوامل دفعت للاعتقاد بوجود دافع إسلامي متطرف، من بينها إفادات بعض الشهود بأن المشتبه به هتف “الله أكبر” أثناء تنفيذه الاعتداء.
كذلك، أفادت تقارير إعلامية بأنه ذكر “الجهاد” من سريره في المستشفى بعدما تم توقيفه.
وترددت الحكومة الألمانية في تصنيف الاعتداء على أنه “إرهابي” وحضت على الانتظار إلى حين استكمال التحقيقات قبل التوصل إلى استنتاجات.
وقال شتيفن زايبرت المتحدث باسم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في تغريدة السبت “المؤكد أن هذا العمل المروّع موجّه ضد الإنسانية وكل الأديان”.
لكن حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتشدد سارع لاستغلال الهجوم الذي يأتي قبل ثلاثة شهور فقط من الانتخابات العامة لتوسيع قاعدته الانتخابية.
غموض دوافع هجوم فورتسبورغ يثير الانتقادات في ألمانيا
بعد أيام على هجوم فورتسبورغ تواصلت التحقيقات حول دوافع الجاني. تكهنات المحققين تأرجحت بين المرض النفسي والتطرف. غير أن هذا التخبط أثار الجدل حول التعامل مع “جرائم المهاجرين” في ألمانيا.
مقتل ثلاث نساء وإصابة سبعة آخرين، هي حصيلة هجوم الطعن الذي شنه شاب صومالي يبلغ من العمر 24 عاماً يوم الجمعة الماضي 25 / 06 / 2021 في مدينة فورتسبورغ الألمانية. الحادث صدم ألمانيا وأثار جدلاً واسعاً كان قد خمد إلى حد ما في ظل جائحة كورونا والانشغال بالانتخابات التالية.
الجدل دار بشكل أساسي حول كيفية التعامل مع أعمال العنف التي يرتكبها طالبو لجوء مسلمون. وحتى بعد مرور ثلاثة أيام على الحادث، تواصلت التحقيقات للكشف عن دوافع الجاني الحقيقية خلف هذا الهجوم الدموي.
وتولى خبراء في العلوم الإسلامية تقييم مقتنيات المشتبه به، والتي تم العثور عليها في ملجأ للمشردين.
وقال متحدث باسم المكتب الإقليمي للشرطة الجنائية يوم الإثنين (28 يونيو/ حزيران 2021) في ميونخ: “لا نستطيع القول الآن إننا اقتربنا من الانتهاء من التقييم”، موضحا أن من بين المقتنيات المضبوطة هاتفين، وقال في إشارة إلى المشتبه به: “نرجح أن هذين الهاتفين يخصانه”.
ولم يذكر المتحدث طبيعة المقتنيات الأخرى التي جرى فحصها وتقييمها. لذلك فإنه ليس من الواضح ما إذا كان قد تم العثور على كتابات يمكن أن تشير إلى دافع سياسي وراء الجريمة.
وحتى إعداد هذا التقرير لم تُعرف دوافع الجاني وتأرجحت التكهنات بين أن يكون الرجل مختلاً عقليا أو مريضا نفسيا، كما يشتبه المحققون.
لكن يجري التحري عما إذا كانت دوافع المشتبه به نتيجة تطرف. فقد عثر المحققون على سجّلات تظهر أن الرجل يتلقى العلاج في مصحة للأمراض النفسية فيما أشارت السلطات إلى أن الجاني ليس إسلامويا معروفا لديها.
لكن أحد الشهود قال إنه هتف “الله أكبر” أثناء الهجوم، ما أثار تساؤلات حول دوافعه.
من جانبه قال وزير داخلية ولاية بافاريا يواخيم هيرمان إن الشرطة ما زالت تبحث في الأدلة وبينها هاتفان محمولان.
في الوقت ذاته شدد على أن “الأدلة على وجود تطرف إسلامي محتمل والدلائل على احتمال وجود خلل نفسي لدى الجاني يمكن ألا تتعارض”. من جانبها ذكرت مجلة “دير شبيغل” على موقعها الإلكتروني أن المشتبه به قال خلال استجوابه إن ما قام به يندرج في إطار “الجهاد”.
وقالت صحيفة “بيلد دايلي” إن الشرطة عثرت على مواد دعائية صادرة عن تنظيم الدولة الإسلامية في صندوق قمامة مأوى للمشردين أقام فيه المشتبه به. بيد أن الأجهزة الأمنية رفضت تأكيد ما جاء في التقريرين.
لماذا تثير دوافع الجاني الجدل؟
مسألة عدم تحديد دوافع الجاني حتى الآن، أثارت بدورها الكثير من الانتقادات في ألمانيا. المحلل في شؤون الإسلام السياسي، أحمد منصور قال في مقابلة له مع صحيفة “بيلد” الألمانية، يوم الإثنين: “تنقص شجاعة تسمية وتحليل أعمال العنف المرتكبة من قبل غير الألمان ومشاكل الاندماج لدى مجموعات معينة من المهاجرين المسلمين”.
وأضاف بأن الموقف السائد في الطيف السياسي اليساري، هو الرغبة في حماية جميع المهاجرين والمسلمين.
رئيس بلدية توبنغن بوريس بالمر قال في تصريح للصحيفة: “الأمر ينقصه التحليل الصريح”.
في حالة جرائم القتل اليمينية المتطرفة مثل تلك التي وقعت في هاناو في فبراير/ شباط عام 2020، “يصنف اليمين الجاني على أنه فرد مضطرب عقلياً، بينما اليساري على أنه نظام”. يقول بالمر إنه في حالة جرائم القتل التي يرتكبها طالبو لجوء، فإن العكس هو الصحيح.
تورستن فراي، نائب رئيس كتلة الاتحاد المسيحي (الحزب الديمقراطي المسيحي الذي تنمي له المستشارة أنغيلا ميركل والحزب الاجتماعي الديمقراطي البافاري)، قال: “المهاجرون من ثقافات ذكورية متعصبة، يكون لديهم مستوى تعليمي ضعيف ويصلون في سن مبكرة، يرتبطون بمعدل جريمة مختلف بشكل كلي عن أولئك المؤهلين تأهيلا عاليا من أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية”. وأضاف بأن “على جميع القوى السياسية في ألمانيا الآن خلع “نظاراتها الوردية”.
من جابنها حذرت الخبيرة في شؤون الاندماج، دوزين تيكال من عدم تحديد دوافع إسلاموية واضحة خلف مرتكب الجريمة في فورتسبورغ وأضافت أن هذا الأمر يجعل المشكلة أكبر.
وأضافت “يجب ألا نسمح للخوف من تحويلنا إلى دمية في أيدي اليمينيين المتطرفين”. من جانبه تحدث وزير الداخلية البافاري يواخيم هيرمان عن “شك كبير” في وجود خلفية إرهابية إسلاموية للعمل الدموي.
وقال مساء الأحد في برنامج “بيلد لايف”، يجب انتظار المزيد من التحقيقات. كما دعا رئيس حزب الناخبين الأحرار ونائب رئيس الوزراء البافاري هوبرت أيفانغر إلى “نظام رقابة أكثر صرامة” ومراجعة إجراءات الحماية الفرعية للاجئين المشتبه بهم
الهجرة وعلاقتها بالجريمة
أظهرت تسجيلات مصورة انتشرت على الإنترنت مارة، يحمل بعضهم كراسي، أثناء محاولتهم منع تقدّم المهاجم. وذلك قبل أن تحضر الشرطة وتسيطر عليه لاحقا بإطلاق النار على الجزء الأسفل من جسمه.
أحد هؤلاء “الأبطال” كما وصفتهم وسائل إعلام ألمانية هو طالب اللجوء الإيراني، شيا ربيعي (42 عاما) الذي تصدرت صوره مواقع التواصل الاجتماعي و صفحات الجرائد المحلية، لكونه كان من أوائل من حاولوا إيقاف المشتبه به.
“لم أفكر في الخطر”، قال المواطن الكردي – الإيراني في برنامج “بيلد لايف” لموقع “بيلد” وتابع: “لم أفكر إلا في إيقافه حتى لا يصاب أي شخص آخر”.
وقد أثنى وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر بقوة على ما وصفه بـ “التدخل الشجاع للرجال والنساء الشجعان”، الذين وبفضلهم “تمّ منع الأسوأ”.
الشيء ذاته عبّر عنه رئيس وزراء بافاريا ماركوس زودر معتبرا أن ما قام به رجال حاولوا السيطرة على المشتبه به الرئيسي في تنفيذ الهجوم الذي راح ضحيته ثلاث نساء وجرح سبعة آخرين من بينهم طفلة في الحادية عشرة من العمر، “تدخلا شجاعا”. وتوجه بالشكر معربا عن “احترام كبير” لهم.
بينما يستغل اليمين المتطرف وأنصاره مثل هذه الجرائم ويربطونها بالمهاجرين. لكن ماذا تقول الأرقام عن علاقة الهجرة بالجريمة؟ وفق إحصاءات أجراها المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية (BKA) نشرها موقع فوكس الألماني، فإن هجرة طالبي اللجوء كان لها أيضاً تأثير على وضع الجريمة في ألمانيا في عام 2020. فقد أحصت الشرطة الألمانية ما مجموعه حوالي 2000 جريمة قتل من عام 2016 إلى 2020 تم فيها الاشتباه بمهاجر واحد على الأقل.
والأمر يتعلق بجميع جرائم القتل أو محاولات القتل، بما في ذلك القتل العمد والقتل بسبب الإهمال. و الجناة أو المشتبه بهم هم من طالبي اللجوء أو الحاصلين على الحماية الفرعية أو تصريح بالإقامة مع وقف الترحيل.
غير أن عدد الجرائم الجنائية وعدد المشتبه بهم من المهاجرين “يتناقص بشكل واضح”. في عام 2020 سجل ما مجموعه 253 ألف و640 جريمة تورط فيها مهاجر واحد على الأقل. أي 8,6 في المائة من إجمالي 2,96 مليون جريمة وقعت في ألمانيا.
مقارنة بعام 2019 يمثل هذا انخفاضاً بنسبة 4,7 في المائة. وبلغت نسبة المهاجرين المشتبه بهم 136 ألف و588 مشتبها به، من إجمالي 1,86 مليون مشتبها به في عام 2020، أي 7,3 في المائة مقارنة بالعام السابق، ما يعني انخفاضا بنسبة 9,5 في المئة.
ويفسر خبراء من المكتب الاتحادي للشرطة هذا التراجع في عدد الجرائم بشكل عام على أنه نتيجة تأثيرات جائحة كورونا والقيود التي فرضت على التواصل والحركة، وإن هذه التأثيرات “غيرت هيكل مسرح الجريمة”، وهذا ينطبق بشكل خاص على جميع الجرائم التي يشتبه فيها بمهاجرين، مثل “السرقة والإيذاء الجسدي والتنقل بدون تذكرة”.
زيهوفر: منفذ هجوم فورتسبورغ مثال حي على فشل الاندماج
رأى وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر أن اللاجئ الذي نفذ حادثة الطعن في فورتسبورغ مثال حي على فشل الاندماج، مؤكدا على أن على الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات بذل مزيد من الجهد لتدارك مواطن الخلل.
اعتبر وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر أن منفذ هجوم فورتسبورغ مثال حي على فشل اندماج لاجئ في ألمانيا. وقال زيهوفر لصحيفة “أوغسبورغر ألغماينه” في عددها الصادر الأربعاء (30 يونيو/حزيران 2021): “شاب يعيش في مأوى للمشردين لمدة ست سنوات دون أن ينظر إليه أحد أو يهتم به أحد، هذا الأمر يجعلني غير راضٍ عن سياستنا، فهناك نقص ما في إدراكنا”.
وأوضح زيهوفر أن أكثر ما يقلقه بشأن هذه القضية هو السؤال التالي: “كيف يمكن لشاب يبلغ من العمر 24 عامًا ويقيم بشكل قانوني في ألمانيا منذ ست سنوات أن يعيش في مأوى للمشردين؟”.
وتابع السياسي الألماني المنتمي للتحالف المسيحي: “لا يمكننا أن نقبل بذلك”. وأضاف “يجب على الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات التباحث فيما إذا كانت جهود إنجاح الاندماج بحاجة إلى تكثيف”.
ونفّذ مشتبه به صومالي عملية الطعن الجمعة في فورتسبورغ، حيث قتل ثلاث نساء وأصاب ستة أشخاص آخرين بجروح بالغة. وبدأ المهاجم الذي وصل إلى ألمانيا في 2015 هجومه من متجر لبيع المعدات المنزلية قبل أن يتوجه إلى مصرف. وحاصره مارة لتسيطر عليه الشرطة لاحقا بعدما أطلق عناصرها النار على فخذه.
وعثر المحققون على سجلات تكشف بأنه كان يتلقى العلاج في مصحة للأمراض النفسية وأكدت الشرطة أنه لم يكن إسلاميا معروفا لدى السلطات. لكن السلطات البافارية أشارت في بيانها إلى عدة عوامل دفعت للاعتقاد بوجود دافع إسلاموي متطرف، من بينها إفادات بعض الشهود بأن المشتبه به هتف “الله أكبر” أثناء تنفيذه الاعتداء.
موقع قنطرة الألماني: إيمان ملوك / أ ف ب ، د ب أ