كُشف عن أول صورة ثلاثية الأبعاد عالية الدقة في العالم لدماغ قرد، في اختراق قد يمهد الطريق لعلاج الأمراض البشرية بما في ذلك مرض باركنسون.
وأنشئت خريطة مفصلة لدماغ قرد المكاك الكامل باستخدام تقنيات التصوير “فلوريسنت”، من قبل فريق من الأكاديمية الصينية للعلوم في بكين.
واستخدم الفريق تقنية جديدة لإظهار كيفية تنظيم الخلايا العصبية وتوصيلها داخل دماغ القرد بـ”دقة ميكرون”.
ويتألف دماغ الإنسان مما يقرب من مائة مليار خلية عصبية ذات اتصالات دقيقة ومعقدة، وبينما يصل حجمه إلى 17 مرة أكبر من تلك الموجودة في قرود المكاك، فإنه متشابه بدرجة كافية لإجراء مقارنات بين الاثنين، كما يزعم الباحثون.
وحتى الآن، كان دماغ الفأر هو الأكبر الذي رُسمت خريطة له، ويستغرق الأمر أياما لإنشاء صورة ثلاثية الأبعاد كاملة، لكن التقنية الجديدة جعلت من الممكن الانتقال إلى دماغ قرد المكاك، وهو حجم أكبر بحوالي 200 مرة من حجم دماغ الفأر.
ويقول الفريق، الذي يضم باحثين من جامعة تشجيانغ، إن وجود مثل هذه الخريطة التفصيلية لدماغ الرئيسيات سيساعد في فهم الأمراض التي تصيب الإنسان.
وسمحت تقنية التصوير الجديدة للفريق برسم خريطة لكل خلية عصبية وألياف في دماغ القرد، بتفاصيل أكبر مما كان ممكنا في السابق.
وكانوا قادرين على النظر إلى مستوى الميكرون الفردي، وعرضوا خلايا الدماغ بشكل نموذجي 100 ميكرون عبر مستويات من التفاصيل لم يسبق لها مثيل في دماغ الرئيسيات.
وتعد الصور الناتجة ضخمة، تستهلك أكثر من بيتابايت من البيانات – 1000 تيرابايت أو حوالي 30 مليون فيلم عالي الدقة.
ومع تسجيل مليارات الخلايا العصبية بتفاصيل غير مسبوقة، لجأ الفريق إلى الذكاء الاصطناعي لدراسة النتائج.
ولالتقاط هذه التفاصيل، ابتكروا تقنية جديدة، تُعرف باسم التصوير الحجمي مع المسح المتزامن أثناء القراءة (VISoR).
وبالمقارنة مع تقنيات التصوير البصري ثلاثية الأبعاد شائعة الاستخدام، يزيل VISoR ضياع الوقت الناجم عن الحركة والإيقاف المؤقت أثناء تبديل مجالات الرؤية.
وأوضح الفريق أن هذا يعني أنه يمكنهم إكمال صورة ثلاثية الأبعاد لدماغ أكبر بكثير مما كان ممكنا في السابق.
ويمكنهم التقاط صورة كاملة لدماغ قرد في أقل من أربعة أيام – تقريبا الوقت نفسه الذي استغرقه في السابق لتصوير دماغ فأر كامل، وهو أصغر 200 مرة.
واختبر الفريق عمليته على أدمغة ثلاثة قرود مكاك تبلغ من العمر 10 سنوات، ويقولون إن هذه التقنية يمكن أن تعمل على أعضاء أخرى في الجسم.
وقد يمتد تطبيق VISoR إلى تصوير الأنسجة والأعضاء الأخرى، بما في ذلك عينات من علم الأمراض السريري.
ومن المتوقع أنه من خلال الجمع بين بيانات التصوير الضخمة التي حصل عليها مع تحليل الذكاء الاصطناعي، قد تساعد هذه التقنية في فهم البنية الدقيقة ثلاثية الأبعاد للدماغ والجسم وكذلك كيفية تغيرهما في حالات المرض المختلفة.
وقال معد الدراسة، دوان شومين: “نأمل أن تحسّن هذه التكنولوجيا بشكل أكبر تطبيقات أوسع وأوسع نطاقا، لتقديم مساهمات مهمة في رسم الخرائط وفهم الرئيسيات، وفي النهاية الدماغ البشري”.
ووصف البروفيسور ديفيد سي فان إيسن، من جامعة واشنطن في سانت لويس، العمل بأنه “جولة فنية قوية”.
وقال إنه إلى جانب الإنجاز التقني، قد يكون لاكتشافهم المثير آثار عميقة لفهم تشكل الدماغ.
ونُشرت النتائج في مجلة Nature Biotechnology.
المصدر: ديلي ميل