منذ إعادة الجزائر فتح حدودها الجوية، يواجه رعاياها المقيمون في فرنسا صعوبات جمة في حجز تذاكر أو تغيير تاريخ حجوزات طيران تم إلغاؤها خلال فترة الإغلاق العام بسبب جائحة فيروس كورونا. وكل يوم، يتجمع المئات منهم أمام مقر وكالة الخطوط الجزائرية في باريس أملا في تغيير حجوزات سابقة أو استرداد ثمنها لكنهم يصطدمون بإجراءات معقدة وصفوف انتظار طويلة. وتنطبق هذه الصعوبات كذلك على الراغبين في اقتناء تذاكر سفر جديدة ارتفعت أسعارها بشكل كبير بسبب نقص العرض وتزايد الطلب بعد فتح المجال الجوي الجزائري.
لم تمنع برودة الطقس والأمطار المئات من الجزائريين من التجمع مجددا الثلاثاء أمام مقر وكالة الخطوط الجوية الجزائرية المركزية بحي أوبرا في قلب العاصمة الفرنسية باريس، أملا في تغيير تاريخ حجوزات طيران سابقة إلى بلادهم تم إلغاؤها بسبب قيود جائحة فيروس كورونا.
وأعادت الجزائر فتح حدودها الجوية تدريجيا منذ/يونيو الماضي في ظل التحسن التدريجي للوضع الوبائي لكن الآلاف من الجزائريين المقيمين بفرنسا ما زالوا يواجهون تعقيدات كثيرة لاستبدال تاريخ حجوزات ألغيت في سنة 2020 أو استرجاع ثمنها.
ويتكدس مئات منهم يوميا أمام الوكالة الوحيدة التابعة للخطوط الجزائرية في باريس لتغيير مواعيد الحجوزات أو استرجاع أموالهم ويضطر عدد منهم للقدوم منذ ساعات الصباح الأولى للحصول على قصاصة بها رقم يخول لهم دخول الوكالة والقيام بالإجراءات الضرورية.
“يجب معاملتنا باحترام”
ياسين (35) عاما كان من بين أول الخارجين من الوكالة بعد تقديم طلب لاسترجاع 1500 يورو تتعلق بست تذاكر طيران ذهاب وإياب لأفراد عائلته ألغيت خلال فترة الإغلاق العام بالجزائر بسبب الجائحة. وتجمع الناس حوله لمعرفة ما إذا كان قد تمكن من استرجاع أمواله.
وأسر لفرانس24: “ليست هذه المرة الأولى التي آتي فيها للوكالة لاسترجاع أموالي ولكن في كل مرة يقولون لي إنه يتوجب علي العودة الأسبوع المقبل لإتمام الإجراءات. لست مستعدا لدفع أموال إضافية لتغيير موعد الرحلة لأن ذلك سيكلفني أموالا أكثر ولست قادرا على دفعها. لم أعد أرغب في زيارة البلاد في مثل هذه الظروف. يجب معاملتنا باحترام أكبر فنحن أيضا جزائريون. هذا الوضع مستمر هكذا من شهر آب/ أغسطس ولم أجد إلى الآن حلا لمشكلتي”.
محمد (اسم مستعار) البالغ 65 عاما كان من بين الواقفين أمام وكالة الخطوط الجوية الجزائرية، وقال إنه جاء منذ الرابعة صباحا وحالفه الحظ في الحصول على رقم يخول له الدخول.
اصطفوا منذ الساعة الثانية صباحا
وتابع: “عندما وصلت إلى المكان، وجدت أشخاصا جاؤوا قبلي وقالوا إنهم وصلوا منذ الثانية صباحا، نجحت في الحصول على قصاصة تحمل رقم 98 للدخول. هناك أشخاص قدموا بعد الساعة السادسة صباحا ولم يتمكنوا من الحصول على رقم للدخول. هذه المرة الثانية التي آتي فيها إلى هنا أملا في تغيير موعد حجز سابق لأبنائي يعود إلى شهر آذار/ مارس 2020. كل يوم يوزع القائمون 250 تأشيرة على أول القادمين ويبدأون في توزيعها عند الساعة السادسة صباحا فيما تفتح الوكالة أبوابها في الثامنة. وحتى في حال الدخول، سيكون علي دفع الفارق بين سعر التذكرة القديمة والأسعار الحالية. دفعت 300 يورو للسفر ذهابا وإيابا في مارس 2020 ومن المرجح أن تطلب مني الشركة ضعف هذا المبلغ للسفر. إنه مبلغ كبير جدا لست مستعدا لدفعه”.
ويبدي كثير من المتجمعين أمام وكالة الخطوط الجزائرية استياءه من ظروف تغيير أو استرداد ثمن حجوزات سابقة باعتبارها الوكالة الوحيدة في فرنسا التي تتلقى مثل هذه الطلبات فيما يقترح آخرون عرض مواعيد مسبقة على الإنترنت للقيام بها.
من جهتها، قالت حنان (اسم مستعار) وهي في 55 من العمر إنها قدمت مرات عدة لاسترداد ثمن حجوزات ملغاة لكن لم تحصل بعد على أموالها. وأكدت أنها قدمت عدة مرات لاسترداد أموالها، لكن المسؤولين طلبوا منها “الاتصال بالإدارة المركزية بالجزائر العاصمة” والعودة للوكالة الأسبوع الموالي لإتمام الإجراءات”.
وأضافت حنان: “تتكرر هذه المماطلة كل مرة وفي حال عدم استرجاع أموالي قبل نهاية السنة فإن الأمر قد انتهى. الغريب هو وجود وكالة واحدة في فرنسا كلها لاسترجاع ثمن حجوزات ملغاة أو تغيير مواعيدها. أعرف أناسا جاؤوا من مدن ليون وتولوز وغيرها لتغيير مواعيد الحجوزات وهذا غير معقول”.
أسعار “غير مقبولة”
ولا تتعلق المصاعب بمن يريدون تغيير مواعيد حجوزات سابقة ألغيت بسبب الإغلاق العام لوحدهم. بل تشمل أيضا من يريدون حجز تذاكر جديدة حيث يتوجب عليهم بدورهم الوقوف في صفوف انتظار أمام وكالة “أوبرا”. ومن بينهم أحمد (45 عاما) الذي يشتكي من ارتفاع كبير في أسعار التذاكر: “ليست هذه المرة الأولى التي آتي فيها لهذه الوكالة باعتبارها الوحيدة المفتوحة حاليا لحجز تذاكر. سمعت أن هناك أكثر من نصف مليون تذكرة طيران ملغاة يجب تعويض ثمنها أو تغيير موعدها، كل ذلك في وكالة واحدة تابعة للشركة ولكم أن تتصوروا حجم الاكتظاظ والمشقة للقيام بالإجراءات”.
وتابع: “أنا أسكن بعيدا، لذلك اضطررت لأخذ أول ميترو في الخامسة صباحا حتى أتمكن من الحصول على رقم للدخول. المشكل هو غياب المنافسة، وهو ما يجعل أسعار التذاكر مرتفعة للغاية حيث يصل ثمن تذكرة الذهاب والإياب من باريس إلى الجزائر في الوقت الحالي إلى حوالي 600 يورو. إنها أسعار غير مقبولة خصوصا إذا ما تعلق الأمر بعائلة كاملة تريد السفر”.
48 رحلة أسبوعيا بين الجزائر وفرنسا
وقد فسحت السلطات الجزائرية المجال لشركة “ترانزافيا” للرحلات الجوية منخفضة التكلفة والتي تتبع للخطوط الفرنسية لكن معظم المتواجدين أمام وكالة الخطوط الجزائرية في “أوبرا” يؤكدون أن أسعارها مرتفعة هي الأخرى بل إنها أعلى من أسعار الخطوط الجزائرية معظم الوقت.
ويعيش في فرنسا نحو خمسة ملايين جزائري وقد اضطرت الغالبية الساحقة منهم لعدم العودة لقضاء العطلة الصيفية ببلادهم في ظل النقص الحاد في عدد الرحلات الجوية. ولا يتجاوز عدد الرحلات الجوية بين فرنسا والجزائر 48 رحلة أسبوعيا حاليا، فيما كانت الرحلات بين باريس والعاصمة الجزائرية تصل لـ 20 رحلة يوميا قبل الجائحة.